وجدير بالذكر، أنه لا يوجد أدب دون تجربة شعورية، هذه التجربة الشعورية يعايشها الأديب، ويتفاعل معها بمشاعره وأحاسيسه حتى لو كانت تجربة متخلية، فإنه يعايشها أي لون من ألوان المعايشة حتى ينفعل ويتأثر بها. لو تأملنا التجربة الشعورية هذه؛ لتبين لنا أنها ناطقة بألفاظها عن أصالة العنصر النفسي في مرحلة العنصر النفسي في مرحلة التأثير الدافعي للإبداع الأدبي.
فالعمل الأدبي ذو شقين: شقي نفسي، يتمثل في التجربة الشعورية، وهي العنصر الذي يدفع إلى التعبير، هي المحرك، هي الدينمو، لكنها بذاتها ليست هي العمل الأدبي؛ لأنها مضمرة في النفس، لم تظهر في صورة لفظية معينة في تلك المرحلة، وإنما هي مجرد إحساس وانفعال، لا يتحقق العمل الأدبي إلا به، هذا هو الشق الأول من شقي الأدب.
أما الشق الثاني: فلفظي، يتحقق عندما يتحول هذا الانفعال وذلك الإحساس إلى قالب لفظي، أو صورة لفظية ذات دلالات مختلفة.
لا يوجد أدب -أيا كان ذلك الأدب- دون هذه التجربة الشعورية، تنشأ هذه التجربة بملاحظة العالم الخارجي؛ لأنها تمثل مادة التعبير الأدبي الذي هو ترجمة لفظية لها. ومن ثم، قيل في تعريف الأدب: إنه تعبير عن تجربة شعورية في صورة موحية.
وإذا كانت التجربة الشعورية هي مادة العمل الأدبي -وهذه حقيقة كما وضح لنا ولك- فإنها لا تصبح محل بحث إلا حين تأخذ صورتها اللفظية؛ لأنها قبل ذلك تكون كامنة في نفس الأديب.