بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثامن
(المنهج النفسي)
الحمد لله الذي خالق الإنسان، وعلمه البيان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه، وبعد:
فقد تعرفنا على أول منهج منهاج البحث الأدبي في العصر الحديث هو المنهج التاريخي، اليوم نتعرف -بمشيئة الله تعالى- على المنهج النفسي:
لا شك في أن صلة الأدب بالنفس وثيقة جدًا، فالأدب في حقيقته تعبير عن النفس الإنسانية، وتصوير لما يدور فيها من مشاعر وأحاسيس، بل هو أروع ما تنتجه النفس البشرية، فالعنصر النفسي أصيل بارز في العمل الأدبي، لا نراه في الشكل الخارجي الذي تقع عليه كل عين، وإنما نراه في كل مرحلة من مراحله.
فالعمل الأدبي: عبارة عن استجابة معينة لمؤثرات نفسية خاصة، وهو بهذا عمل صادر عن مجموعة من القوى النفسية، ونشاط ممثل لتلك القوى، هذا من حيث المصدر أي: المبدع. فهو انعكاس نفسي، وفكري للأديب، يصور حياته، وعلاقته بالعالم من حوله، نشاط نفسي، وفكري، ونتاج شعوري، وحسي.
أما من حيث الوظيفة: فهو مؤثر يستدعي استجابة معينة في نفوس المتلقين، هذه الاستجابة عبارة عن مزيج من العمل الفني، والحالة النفسية للمتلقي. كما أن الأدب عبارة عن مجموعة من القيم الشعورية، والتعبيرية. هذه القيم الشعورية والتعبيرية معًا تسمى: قيم فنية.
تتمثل القيم التعبيرية في الألفاظ، والأساليب، والتصوير يعني: الشكل الذي نراه. أما القيم الشعورية -وهي الجزء الثاني، أو الشق الثاني من شقي الأدب-: فمسألة نفسية بالمعنى الشامل، وملاحظتها، وتصويرها مسألة نفسية كذلك. إذا أردنا أن نتكشفها، ونتعرف على حقيقتها، هذا كله يدور في فلك النفس، وعمل النفس، فصلة الأدب بالنفس لا يمكن إنكارها بحال من الأحوال؛ لأنها ثابتة من حيث المصدر والغاية، فهو نتاج نفسي قصد به التأثير في نفس المتلقي، يعني: صدر من نفس إلى نفس أخرى.