فأصبح لزامًا عليهم التعرف على حقيقة هذا المزيج، هذا العنصر الجديد، الذي أصبح باديًا في الأدب، فكان لا بد للتعامل مع الأدب الجديد تعامل تعاملًا علميًّا حقيقيًّا، والكشف عن خصائصه، والوصول إلى نتائج حقيقة في هذا المجال.
كان لا بد أو كان لزامًا عليهم من الوقوف على المناهج العلمية الجديدة، في مجال البحث العلمي والأدبي خاصة، وبدت الحاجة ملحة إلى التدقيق والتنظيم، وتحديد الغاية، والتفكير في الطرق، التي تتناسب مع التطور الجديد في الحقل الأدبي، وعلى إثر ذلك تطورت مناهج البحث الأدبي تطورًا ملحوظًا، خاصة بعد إخضاعها للمناهج والنظريات، التي أسفرت عنها الحركة العلمية النشطة، في شتى مجالات العلم والمعرفة.
ففي مجال العلوم التجريبية ظهرت القوانين، التي تحكمها، ثم حاول دارسوا الأدب وناقدوه الإفادة من تلك القوانين، وتطبيقها على الأدب، وترددت بعض المصطلحات الخاصة بالعلوم التجريبية، على ألسنة الباحثين والنقاد، وأصبحنا نعلم ديناميكية الأدب، إستاتيكية الأدب، النمو الطبيعي، النبض، وغير ذلك من مصطلحات منقولة، من المجال التجريبي إلى ميدان الأدب والنقد.
هذا في مجال العلوم التجريبية، انتقلت المصطلحات من هذه العلوم، وأصبحت تجري على ألسنة الباحثين والنقاد، والمبدعين أنفسهم، وفي مجال الدراسات الإنسانية، كعلم النفس والاجتماع والتاريخ والأخلاق، وغير ذلك، سجل الباحثون تقدمًا ملحوظًا، ووصلوا إلى عدة نظريات أفاد منها الأدب إلى حد كبير، إذ حاول دارسوا الأدب، وناقدوه تطبيقها في المجال الأدبي الإبداعي منه، والنقدي.
ورغم تسرب تلك النظريات إلى الأدب تسربًا ملحوظًا، وسيطرتها على المجال البحثي فيه، ظلت طائفة من الباحثين، يعتقدون أن الأدب ينبغي أن يكون بمعزل عن تلك العلوم، هذا رأيهم وحجتهم أن هذه العلوم، لو اعتمدنا عليها في