وجاءت فيهم آثار نبويه، وفي القرآن من صفات العرب ما لا يكون لغيرهم، فقد وصفهم بالكرم العظيم، والصبر الكامل، وذكر عنهم من الخصال ما لم يذكر مثله، أو قريب منه لباقي الامم ... وحسبك انه اختارهم محطا لرحال دينه وحماة لشريعته، وانصاراً لاْوامره، وحفظه لبنيه وجواراً واهلاً لبيته، في عدة خصال، سوف نذكر منها ان شاء الله في ناريخ عمان ما يلائم الغرض.
وهل توجد امة من الامم تعرف اصولها وفروعها، شعباً وقبيلة وعمارة وبطناً وفخذا وفصيلة إلى غير ذلك من بيوتاتها المعروفة، واحوالها المألوفة، ومكارمها العالية، وفضائلها السامية؟ فهم نجوم الارض، ورغيثها الذي تحيا به اجادبها. منها الخلقاء الراشدون، ومنها الائمة المهتدون، وفيها العلماء العاملون، وان كان يوجد في غيرهم فلهم الحظ الاوفر، ولهم النصيب الاكبر. فيهم الشجاعة التي لا يقاس جاهاية واسلاماً، ولملوكهم المفاخر التي لا تسامى. وعن ذي الرمة في العرب كلام جامع وذكر واسع، وقد ساًل زياد دغفلاً النسابة عن فضائل العرب فقال: الجاهليه لليمن، الاسلام لمضر، والفتنة لربيعة، قال: فأخبرني عن مضر، أي ان خصالها الخاصة بها، فقال: فاخر بكنانة، وكابر بتميم، وحارب بقيس ففيها الفرسان والنجوم، وأما اسد ففبها ذل وكيد. " قال " وسأل معاوية بن ابي سفيان دغفلاً فقال: ما تقول في بني اسد؟ فقال: عاقة قافة فصحاء كافة، قال: فما تقول في بني تميم؟ فقال: حجر خشن، ان صادفته آذاك، وان تركته اعفاك، قال: فما تقول في خزاعة؟ فقال: جوع واحاديث، قال: فما تقول في اليمن؟ قال: فيهم مفاخر واسعة. ولليمن ربع البيت " اي الركن اليماني " ومنهم حاتم طي كريم العرب، ومنهم المهلب بن ابي صفرة القايد الكبير " قات " ولااعدل بالانصار احداً في هذه الخصال الحميدة كلها، فقد جمعوا الكرم والشجاعة والصبر واشياء لا يسعها المقام، قال دغفل: وفي النزار النبي المرسل، والخليفة المؤمل، والكتاب المنزل، وقي الاوس غسيل الملائكة حنظلة بن لراهب، وعاصم بن الاقلح الذي حمت لحمه الدب، وذو الشهادتين خزيمة بن ثابت، والذي اهتز لموته العرش سعد بن معاذ، وفي الخزرج.
الاربعة الذين حفظوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت، وابو زيد، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب سيد القراء، والذي ايده الله بروح القدس حسان بن ثابت شاعررسول الله صلى الله عليه وسلم ومناضل عنه.
وفي العرب البيوتات المشهوره كبيت بني معاويه الأكرمين في كندة، وبيت بني جشم بن بكر في تغلب، وبيت بن ذي الجدين في بكر، وبيت زرارة بن عدس في تميم، وبيت بني بدر في قيس، وفبهم الأحرز بن مجاهد التغلبي الذي كان اعلم القوم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سئل عن العرب: " كنانة جمجمتها، وفيهاالعينان، وأسد لسانها، وتميم كاهلها ".وقالوا: بيت تميم بنو عبد الله بن دارم، ومركزه بنو زراره، وبيت قيس ارة، ومركزه بنو بدر، وبيت بكر بن وائل شيبان ومركزه بنو ذي الجدين.
وقال معاوية بن أبي سفيان للكلبي: اخبرني عن أعز العرب، فقال: حصن بن حذيفة بن بدر، قال: فأخبرني عن اترف بيت في العرب، قال: والله أني لأعرفه وأني لأبغضه، قال ومن هو؟ قال: بيت زرارة بن عدس، قال: فأخبرني عن افصح العرب، فقال: بنوا اسد. وقيل أن أشرف بيت في مضر بر مدافع في الجاهلية، بيت بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم.
وحضر عند المنذر بن ماء السماء وفود العرب ووجهها دعا ببردي محرق فقال: ليلبس هذين البردين أكرم العرب واشرفهم حسباً، واعزلهم قبيلة، قأحجم الناس، وقام الأحيمر بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد بن مناة بن تميم فقال انا لهما، فائتزر بأحدهما، وارتدى بالأخر فقال له المنذر: وما حجتك فيما أدعيت؟ قال: الشرف من نزار كلها في مضر، ثم في تميم، ثم في سعد، ثم في كعب، ثم قي بهدلة. قال: هذا انت في أصلك، فكيف انت في عشيرتك؟ قال: أنا أبو عشرة، وعم عشرة، وأخو عشرة، وخال عشرة. قال: هذا في عشيرتك، فكيف أنت في نفسك؟ فقال: شاهد العين شاهدي، ثم قام فوضع قدمه في الأرض، فقال: من أزالها فله من الأبل مائة فلم يقم اليه احد، ولاتعاطى ذلك. ومن بيت بهدله بن عوف، كان الزربقان بن بدر وكان يسمى سعدالكرمين.