وتصلون به ارحامكم، ولا تكونوا كنبط السواد، يسأل احدهم فيقال له: ممن انت؟ فيقول من قرية كذا " وسلم عليه ما تليت احاديثه الغرا، وسيره الزهرا، وعرفت بين العالمين اوامره ونواهيه فجائت تترى، وعلى آله الحافظين لسياق انسابهم، والاخذين بسلاسل سلالاتهم وادابهم، وعلى اتباعه المدونين لاثارهم إلى يوم الدين.

اما بعد: فهذه رسالة جمعت فيها من انساب اهل عمان ما امكنني جمعه، وسردت فيها من ذلك ما امكننيسرده، اسعافاً لرغبة الطالب، وان كان غير مرتب على وتيرة التصنيف، ولامؤلف على طريقة التاليف، ولكنه مجموع تمكن مراجعته عند الحاجة اليه، وقد جعلته القسم الثالث من العنوان، وخصصته باسم: " اسعاف العيان في انساب اهل عمان " واسال الله التوفيق لكل خير، والعون على كل مأمول، ونقدمه ب:

مقدمة

في فضل العرب

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا سالتم الحوائج فاسألوا العرب " رواه ابن مسعود رضي الله عنه، وفيه لانها تعظم لثلاث خصال: كرم احسابها، واستحياء بعضها من بعض. والمواساة لله، أي لانها خصت بهذا دون باقي الامم. وهو عين الواقع في العصر العربي ان لم يخالطه دخيل اجنبي. وعنه صلى الله عليه وسلم: " من ابغض العرب ابغضه الله " أي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون داخلا في بغض العرب.

وبغصه صلى الله عليه وسلم كفر عظيم، وعلى كل حال فإن الله يبغضه لذلك وعنه عليه الصلاة والسلام: " من احب العرب فبحبي احبهم الحديز..، وقال صلى الله عليه وسلم: " حب العرب آية الايمان " الحديث..، أو كما قال عليه الصلاة والسلام: " وحسبهم بذلك فخراً بين اعلام الامم " قال ابن الكلبي: " في العرب خاصة عشر خصال لم تكن لغيرهم من االامم، خمس منها في الرأس، وخمس في باقي الجسد الحديث. قلت هي المسماة سنن الفطرة عند الفقهاء، وهي خصال جائت النبوة بها، ونوه الشارع عليه الصلاة والسلام بفضلها، قال: وفي العرب القيافة، ولم تكن في احد غيرهم وهي من عجائب المخلوقات، حيث يفرق القائف بين المرأة والرجل، والابيض والاسود، والبكر والثيب، بمجرد وضع اقدامهم على الارض، في امور عدة. ومنها معرقة الطويل والقصير، والمهزول والسمين، ونحو ذلك فتراه يلحق الابن القصير بالاب الطويل، وكذا العكس. ويعرف الغريب من الوطني، ليس ذلك الا للعرب دون باقي الامم مهما بلغت عقولهم، فأن ذلك اعظم من توليد المواد الكيمياوية، وتركيب المعادن الارضية، ولله في لقه اسرار. ولابن المقفع قال لبعض اعيان العر: " اي الامم اعقل؟ " فنظر بعضهم إلى بعض ثم قالوا: لعله اراد اصله وهو فارسي، فجروا بحسب ما تخيل لاحدهم، فقالوا: " فارس "، يقال ليسوا بذلك، فأنهم ملكوا كثيرا من الارض، ووجدوا عظيماً من الملك، وغلبوا على كثيراً من الخلق، ولبث فيهم عقد الامر، فما استنبطوا شيئاً بعقولهم، ولا ابتدعوا شيئاً كباقي انكم في تفوسهم، قالوا: " الروم "، قال: اصحاب صنعة، قالوا: " الصين "، قال: اصحاب طرفة، قالوا: " الهند "، قال: اصحاب فلسفة، قالوا: " السودان "، قال: شر خلق الله، قالوا: " الترك " قال: كلاب مختلسة، قالوا: " الخزر "، قال: بقر سائمة، فقالوا له: يقل، فقال: " العرب ". ثم قال: اما انني ما اردتموافقتكم ولكن إذا فاتني حظي من النسبة فلا يفوتني من المعرفة. أي إذا كتت انا غير عربي فقد فاتني شرفي بالانتساب اليهم، فلا ينبغي علي ان يفوتتي العلم بأحوال الناس. ثم قال: ان العرب حكمت على غير مثل لها، ولا اثار اثرت، بل هم اصحاب إبل وغنم، وسكان شعر وأدم، يجود احدهم بقوته ولا يبالي، ويتفضل بمجهوده، ويشارك في ميسوره ومعسوره، ويصف الشىءبعقله فيكون قدوة، وبفعله فيصير حجة، ويحسن ما شاء فيحسن، ويقبح ما شاء فيقبح، ادبتهم انفسهم، ورفعتهم هممهم، واعلتهم قلوبهم والسنتهم، فلم يزل حباء الله فيهم وحباؤهم في انفسهم، حتى رفع لهم الفخر، وبلغ بهم اشرف الذكر، وختم لهم بملكهم الدنيا على الدهر، وافتتح دينه وخلافته بهم إلى الحشر، على الخير فيهم ولهم فقال:) إن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين (.

فمن وضع حقهم خسر، ومن انكر فضلهم خصم. ودفع الحق باللسان اكبت للجنان. انتهى كلام ابن المقفع، وناهيك بالمذكور ادباً وفصاحة. وله بلاغة وردها من حياض العرب، فشربها بين اقرانه بأكف الادب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015