و قال الله عز و جل: [وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَاب. النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ]. المؤمن: 45 – 46
و أخرج ابن جرير في (تفسيره) ج 24 ص 42 بسند رجاله ثقاة عن هزيل بن شرحبيل أحد ثقاة التابعين قال: ((أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدوا و تروح على النار و ذلك عرضها)) و في (روح المعاني) أن عبد الرزاق و ابن أبي حاتم أخرجا نحوه عن ابن مسعود.
و من حكم الإعادة أداء الشهادة قال الله تبارك و تعالى: [وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ. حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] فصلت: 19 ء 20.
و قال عز و جل: [الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ] يّس: 65.
و قال سبحانه: [يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] النور: 24.
و المقصود من استشهاد الأعضاء إبلاغ الغاية القصوى في إظهار العدل، و في (صحيح البخاري) و غيره عن أبي سعيد الخدري قال: ((قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: يجاء بنوح يوم القيامة فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم يا رب، فتسأل أمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما جاءنا من نذير، فيسأل: من شهودك؟ فيقول: محمد و أمته: فقال رسول الله صلة الله عليه و آله و سلم: فيجاء بكم فتشهدون أنه قد بلغ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: [وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً])).
و في (صحيح مسلم) و غيره عن أنس قال: ((كنا عند رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فضحك، فقال: هل تدرون مما أضحك؟ قال قلنا: الله و رسوله أعلم، قال: من مخاطبة العبد ربه يقول يا رب ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى، قال: فيقول: فإني لا أجير على نفسي إلا شاهداً مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا، و بالكرام الكاتبين شهودا، قال: فيختم على ما في فيقال لأركانه أنطقي، قال: فتنطق بأعماله، ثم يخلى بينه و بين الكلام، فيقول: بعداً لكن و سحقاً، فعنكن كنت أناضل)).
و في (صحيح مسلم) أيضاً عن أبي هريرة قال: ((قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال …. قال فيلقى العبد فيقول أي فل … ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك فيقول يا رب آمنت بك و بكتابك و برسلك و صليت و صمت و تصدقت – و يثنى بخير ما استطاع، فيقول: ههنا إذا، ثم يقال: الآن نبعث شاهداً عليك، و يتفكر في نفسه: من ذا الذي يشهد علي؟ فيختم على فيه و يقال …. فتنطق فخذه و لحمه و عظامه بعمله، و ذلك ليعذر من نفسه ….)).
فالإنسان إذا رأى يوم القيامة إن الله عز و جل يقرره بعمله و لا يؤخذ بمجرد علمه تعالى يتوهم أن الإنكار ينفعه ثم لا يرضى بشهادة الملائكة و لا الرسل، فتشهد عليه أعضاؤه حينئذ يظهر له و لغيره عين اليقين الغاية القصوى في عدل الله تبارك تعالى، و مع ذلك يعترف بلسانه صريحاً عند دخوله النار قال الله تبارك و تعالى: [وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً. حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ] الزمر: 71.
¥