1ـ التسهيل والتخفيف على الأمة ورفع الحرج عنهم، وهذه من أجل الحكم في إنزال القرآن الكريم على سبعة أحرف، ولعلها هي علة ذلك ظاهر بجلاء من خوف رسول الله _صلى الله عليه وسلم ـ المشقة على أمته، وشفقته عليهم.

2 ـ إنها من أكبر الدلائل على صدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في تبليغه القرآن الكريم كما أنزل إليه، إذ إنها مع كثرة الاختلافات بينها لم تتضاد ولم تتناقض ولم تتعارض، بل بعضها يُصدق بعضاً، ويوضح مشكل بعض، وهذا أمر لايقدر عليه بشر، قال تعالى: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا} ً (1)

3ـ إن في تعددها كمال الإعجاز مع غاية الاختصار وجمال الإيجاز، إذ كل قراءة بالنسبة إلى الأخرى بمنزلة آية مستقلة، ولا يخفى أن تنوع المعاني تابع لتنوع الألفاظ.

إن القراءات القرآنية كانت سبباً كبيراً ـ ولازالت ـ لإعظام أجور هذه الأمة من حيث إنهم يفرغون جهدهم ليبلغوا قصدهم في تتبع معاني ذلك واستنباط الحكم والأحكام من دلالة كل لفظ (2)

4 ـ إن في القراءات القرآنية وتعددها وتنوعها علامة بارزة على فضل هذه الأمة وتقدمها على سائر الأمم، يتجلى ذلك من خلال عنايتهم الفائقة بهذا الكتاب العظيم والتنقيب عنه لفظةً لفظة وحركة حركة، ونقلهم ذلك مسنداً عن الثقات إلى رسول الله، فحموا كتاب الله من أي خلل أو تحريف أو تغيير أو تبديل.

5ـ إنها حفظت كثيراً من لغات العرب ولهجاتهم من الضياع والاندثار لأنها استعملت أفصح ماعندهم، وبذلك خلدت لغتهم وذكرهم.

إن تنوعها يفيد أهل العلم أثناء تفسيرهم لكتاب الله تعالى ومحاولة الفهم عن الله عز وجل (3).

ــــــــــــ

(1) النساء: 82

(2) ينظر النشر في القراءات العشر، لابن الجزري 1/ 52ـ 53، وينظر القراءات وأثرها في علوم العربية محمد سالم محيسن، مكتبة الكليات الأزهرية، ط 1406 هـ، 1986 م، 1/ 37ـ 39، وينظر مناهل العرفان في علوم القرآن، محمد عبد العظيم الزرقاني، دار احياء الثراث، بيروت، لبنان 1، ص 139،142.

(3) النشر، 1/ 53

(2)

ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ

تعريف الإدغام لغة واصطلاحاً الإدغام لغة هو من دَغَمَ: دغم الغيث الأرض يدغمها وأدغمها إذا غشيها وقهرها والدَّغْمُ: كَسْرُ الأنف إلى باطنه هَشْماً.

والدُّغْمةُ والدُّغمُ: من ألوان الخيل أن يضرب وجهه وجَحافله إلى السواد مخالفاً للون سائر جسده، ويكون وجهه ما يلي جحافله أشد سواداً من سائر جسده، ويقال فرس أَدغم، والأنثى دغماءُ بينة الدَّغم وهو الذي يسميه الأعاجم (دِيزَجْ).

والأدْغَمُ: الأسود الأنف وجمعه الدُّغمان.

والدَّغْمانُ: بالضم الأسود مع عِظَم ورجل داغمُ داغم: إتباع وقد أرغمه الله وأدغمه وقيل أرغمه الله أسخطه وأدغمه: سود وجهه.، ودُغْمان ودُغَيمٌ اسمان (1).

والإدغام في الاصطلاح هو: " أن يلتقي حرفان من جنس واحد فتسكن الأول منهما وتدغمه في الثاني أي تدخله فيه فيصير حرفاً واحداً مشدداً ينبو اللسان عنه نبوة واحدة " (2).

أو يلتقي حرفان متقاربان في المخرج فتبدل الأول من جنس الثاني وتدغمه فيه وإنما تفعل ذلك تخفيفاً والذي يتضح من هذا أن الإدغام هو:

1 ـ إدخال صوت في آخر.

2 ـ الإدغام: أن يكون بين متجانسين أو متقاربين وهناك أمر ثالث لم يذكر هنا وهو وقوعه بين متماثلين.

3ـ الناتج من الإدخال هو حرف واحد مشدد بدل الحرفين والغرض من هذا الإدخال هو التخفيف أي تيسير صعوبة نطق صوتين متماثلين أو متقاربين ومنهم من عبر عنه " تقريب صوت من صوت (3).

وظاهرة الإدغام قديمة لحظها علماء العربية منذ وقت مبكر فقد أشار إليها الخليل بن أحمد بقوله "أعلم أن الراء في اقشعر واسبكر راءان أدغمت واحدة في الأخرى والتشديد علامة الإدغام (4).

وجاء بعده تلميذه سيبوية وكان الرائد إلى تخصيص مبحث مستقل كبير للإدغام تناول فيه كل مناحي هذه الظاهرة وقسمها على أقسام هي: (5)

1 ـ الإدغام في الحرفين اللذين تضع لسانك لهما موضعاً واحداً وهو إدغام المثلين.

2 ـ الإدغام في الحروف المتقاربة التي هي من مخرج واحد.

ــــــــــــ

(1) لسان العرب، ابن منظور، 4/ 366.

(2) الجمل، الزجاجي، تحقيق ابن أبي شنب، باريس، 1957 م، ص 378

(3) الخصائص، ابن جني، تح محمد علي النجار، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة، 1952 م، 2/ 139

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015