هُوَ آخَرُ الْعَرْضَات عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ عُثْمَان بِنَسْخِهِ فِي الْمَصَاحِف وَجَمَعَ النَّاس عَلَيْهِ، وَأَذْهَبَ مَا سِوَى ذَلِكَ قَطْعًا لِمَادَّةِ الْخِلَاف، فَصَارَ مَا يُخَالِف خَطّ الْمُصْحَف فِي حُكْم الْمَنْسُوخ وَالْمَرْفُوع كَسَائِرِ مَا نُسِخَ وَرُفِعَ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْدُو فِي اللَّفْظ إِلَى مَا هُوَ خَارِجِ عَنْ الرَّسْم وَقَالَ أَبُو شَامَة: ظَنَّ قَوْم أَنَّ الْقِرَاءَات السَّبْع الْمَوْجُودَة الْآن هِيَ الَّتِي أُرِيدَتْ فِي الْحَدِيث وَهُوَ خِلَاف إِجْمَاع أَهْل الْعِلْم قَاطِبَة، وَإِنَّمَا يَظُنّ ذَلِكَ بَعْض أَهْل الْجَهْل. وَقَالَ اِبْنُ عَمَّار أَيْضًا: لَقَدْ فَعَلَ مُسَبِّع هَذِهِ السَّبْعَة مَا لَا يَنْبَغِي لَهُ، وَأَشْكَلَ الْأَمْر عَلَى الْعَامَّة بِإِيهَامِهِ كُلّ مَنْ قَلَّ نَظَره أَنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَات هِيَ الْمَذْكُورَة فِي الْخَبَر، وَلَيْتَهُ إِذْ اِقْتَصَرَ نَقَصَ عَنْ السَّبْعَة أَوْ زَادَ لِيُزِيلَ الشُّبْهَة، وَوَقَعَ لَهُ أَيْضًا فِي اِقْتِصَاره عَنْ كُلّ إِمَام عَلَى رَاوِيَيْنِ أَنَّهُ صَارَ مَنْ سَمِعَ قِرَاءَة رَاوٍ ثَالِث غَيْرهمَا أَبْطَلَهَا وَقَدْ تَكُونُ هِيَ أَشْهَر وَأَصَحَّ وَأَظْهَر وَرُبَّمَا بَالَغَ مَنْ لَا يَفْهَم فَخَطَّأَ أَوْ كَفَّرَ. وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ: لَيْسَتْ هَذِهِ السَّبْعَة مُتَعَيِّنَة لِلْجَوَازِ حَتَّى لَا يَجُوز غَيْرهَا كَقِرَاءَةِ أَبِي جَعْفَر وَشَيْبَة وَالْأَعْمَش وَنَحْوهمْ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مِثْلهمْ أَوْ فَوْقهمْ. وَكَذَا قَالَ غَيْر وَاحِد مِنْهُمْ مَكِّيّ بْن أَبِي طَالِبِ وَأَبُو الْعَلَاء الْهَمْدَانِيُّ وَغَيْرهمْ مِنْ أَئِمَّة الْقُرَّاء. وَقَالَ أَبُو حَيَّان: لَيْسَ فِي كِتَاب اِبْنِ مُجَاهِد وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ الْقِرَاءَات الْمَشْهُورَة إِلَّا النَّزْر الْيَسِير، فَهَذَا أَبُو عَمْرو بْن الْعَلَاء اُشْتُهِرَ عَنْهُ سَبْعَة عَشَر رَاوِيًا، ثُمَّ سَاقَ أَسْمَاءَهُمْ. وَاقْتَصَرَ فِي كِتَاب اِبْنِ مُجَاهِد عَلَى الْيَزِيدِيّ، وَاشْتُهِرَ عَنْ الْيَزِيدِيّ عَشَرَة أَنْفُس فَكَيْف يَقْتَصِر عَلَى السُّوسِيّ وَالدُّورِيّ وَلَيْسَ لَهُمَا مَزِيَّة عَلَى غَيْرهمَا لِأَنَّ الْجَمِيع مُشْتَرِكُونَ فِي الضَّبْط وَالْإِتْقَان وَالِاشْتِرَاك فِي الْأَخْذ، قَالَ: وَلَا أَعْرِفْ لِهَذَا سَبَبًا إِلَّا مَا قَضَى مِنْ نَقْص الْعِلْم فَاقْتَصَرَ هَؤُلَاءِ عَلَى السَّبْعَة ثُمَّ اِقْتَصَرَ مَنْ بَعْدهمْ مِنْ السَّبْعَة عَلَى النَّزْر الْيَسِير. وَقَالَ أَبُو شَامَة: لَمْ يُرِدْ اِبْنُ مُجَاهِد مَا نُسِبَ إِلَيْهِ، بَلْ أَخْطَأَ مَنْ نَسَبَ إِلَيْهِ ذَلِكَ، وَقَدْ بَالَغَ أَبُو طَاهِر بْن أَبِي هَاشِم صَاحِبُهُ فِي الرَّدّ عَلَى مَنْ نَسَبَ إِلَيْهِ أَنَّ مُرَاده بِالْقِرَاءَاتِ السَّبْع الْأَحْرُف السَّبْعَة الْمَذْكُورَة فِي الْحَدِيث، قَالَ اِبْنُ أَبِي هِشَام: إِنَّ السَّبَب فِي اِخْتِلَاف الْقِرَاءَات السَّبْع وَغَيْرهَا أَنَّ الْجِهَات الَّتِي وُجِّهَتْ إِلَيْهَا الْمَصَاحِف كَانَ بِهَا مِنْ الصَّحَابَة مَنْ حَمَلَ عَنْهُ أَهْل تِلْكَ الْجِهَة، وَكَانَتْ الْمَصَاحِف خَالِيَة مِنْ النُّقَط وَالشَّكْل، قَالَ فَثَبَتَ أَهْل كُلّ نَاحِيَة عَلَى مَا كَانُوا تَلَقَّوْهُ سَمَاعًا عَنْ الصَّحَابَة بِشَرْطِ مُوَافَقَة الْخَطّ، وَتَرَكُوا مَا يُخَالِف الْخَطّ، اِمْتِثَالًا لِأَمْرِ عُثْمَان الَّذِي وَافَقَهُ عَلَيْهِ الصَّحَابَة لِمَا رَأَوْا فِي ذَلِكَ مِنْ الِاحْتِيَاط لِلْقُرْآنِ، فَمِنْ ثَمَّ نَشَأَ الِاخْتِلَاف بَيْن قُرَّاء الْأَمْصَار مَعَ كَوْنهمْ مُتَمَسِّكِينَ بِحَرْفٍ وَاحِد مِنْ السَّبْعَة. وَقَالَ مَكِّيّ بْن أَبِي طَالِبٍ: هَذِهِ الْقِرَاءَات الَّتِي يُقْرَأ بِهَا الْيَوْم وَصَحَّتْ رِوَايَاتهَا عَنْ الْأَئِمَّة جُزْء مِنْ الْأَحْرُف السَّبْعَة الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآن. ثُمَّ سَاقَ نَحْو مَا تَقَدَّمَ قَالَ: وَأَمَّا مَنْ ظَنَّ أَنَّ

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015