قِرَاءَة هَؤُلَاءِ الْقُرَّاء كَنَافِعٍ وَعَاصِم هِيَ الْأَحْرُف السَّبْعَة الَّتِي فِي الْحَدِيث فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا عَظِيمًا، قَالَ: وَيَلْزَم مِنْ هَذَا أَنَّ مَا خَرَجَ عَنْ قِرَاءَة هَؤُلَاءِ السَّبْعَة مِمَّا ثَبَتَ عَنْ الْأَئِمَّة غَيْرهمْ وَوَافَقَ خَطّ الْمُصْحَف أَنْ لَا يَكُونَ قُرْآنًا، وَهَذَا غَلَط عَظِيم، فَإِنَّ الَّذِينَ صَنَّفُوا الْقِرَاءَات مِنْ الْأَئِمَّة الْمُتَقَدِّمِينَ - كَأَبِي عُبَيْد الْقَاسِم بْن سَلَّامٍ، وَأَبِي حَاتِم السِّجِسْتَانِيّ، وَأَبِي، جَعْفَر الطَّبَرِيِّ، وَإِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق، وَالْقَاضِي - قَدْ ذَكَرُوا أَضْعَاف هَؤُلَاءِ قُلْت: اِقْتَصَرَ أَبُو عُبَيْدَة فِي كِتَابه عَلَى خَمْسَة عَشَر رَجُلًا مِنْ كُلّ مِصْر ثَلَاثَة أَنْفُس فَذَكَرَ مِنْ مَكَّة اِبْنَ كَثِير وَابْنَ مُحَيْصِن، وَحُمَيْدًا الْأَعْرَج وَمِنْ أَهْل الْمَدِينَة: أَبَا جَعْفَر وَشَيْبَة وَنَافِعًا وَمِنْ أَهْل الْبَصْرَة، أَبَا عَمْرو، وَعِيسَى بْن عُمَر، وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي إِسْحَاق، وَمِنْ أَهْل الْكُوفَة: يَحْيَى بْن وَثَّاب، وَعَاصِمًا، وَالْأَعْمَش وَمِنْ أَهْل الشَّام: عَبْد اللَّه بْن عَامِر، وَيَحْيَى بْن الْحَارِث. قَالَ وَذَهَبَ عَنِّي اِسْمُ الثَّالِث وَلَمْ يَذْكُر فِي الْكُوفِيِّينَ حَمْزَة، وَلَا الْكِسَائِيّ بَلْ قَالَ: إِنَّ جُمْهُور أَهْل الْكُوفَة بَعْد الثَّلَاثَة صَارُوا إِلَى قِرَاءَة حَمْزَة وَلَمْ يَجْتَمِع عَلَيْهِ جَمَاعَتهمْ قَالَ: وَأَمَّا الْكِسَائِيّ فَكَانَ يَتَخَيَّر الْقِرَاءَات. فَأَخَذَ مِنْ قِرَاءَة الْكُوفِيِّينَ بَعْضًا وَتَرَكَ بَعْضًا وَقَالَ بَعْد أَنْ سَاقَ أَسْمَاء مَنْ نُقِلَتْ عَنْهُ الْقِرَاءَة مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ. فَهَؤُلَاءِ هُمْ الَّذِينَ يُحْكَى عَنْهُمْ عِظَم الْقِرَاءَة وَإِنْ كَانَ الْغَالِب عَلَيْهِمْ الْفِقْه وَالْحَدِيث، قَالَ: ثُمَّ قَامَ بَعْدهمْ بِالْقِرَاءَاتِ قَوْم لَيْسَتْ لَهُمْ أَسْنَانهمْ وَلَا تَقَدُّمهمْ غَيْر أَنَّهُمْ تَجَرَّدُوا لِلْقِرَاءَةِ وَاشْتَدَّتْ عِنَايَتهمْ بِهَا وَطَلَبهمْ لَهَا حَتَّى صَارُوا بِذَلِكَ أَئِمَّة يَقْتَدِي النَّاس بِهِمْ فِيهَا فَذَكَرَهُمْ، وَذَكَرَ أَبُو حَاتِم زِيَادَة عَلَى عِشْرِينَ رَجُلًا وَلَمْ يَذْكُر فِيهِمْ اِبْنَ عَامِر وَلَا حَمْزَة وَلَا الْكِسَائِيّ، وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ فِي كِتَابه اِثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ رَجُلًا، قَالَ مَكِّيّ: وَكَانَ النَّاس عَلَى رَأْس الْمِائَتَيْنِ بِالْبَصْرَةِ عَلَى قِرَاءَة أَبِي عَمْرو وَيَعْقُوب، وَبِالْكُوفَةِ عَلَى قِرَاءَة حَمْزَة وَعَاصِم وَبِالشَّامِ عَلَى قِرَاءَة اِبْن عَامِر، وَبِمَكَّة عَلَى قِرَاءَة اِبْنِ كَثِير، وَبِالْمَدِينَةِ عَلَى قِرَاءَة نَافِع، وَاسْتَمَرُّوا عَلَى ذَلِكَ. فَلَمَّا كَانَ عَلَى رَأْس الثَّلَاثمِائَةِ أَثْبَتَ اِبْنُ مُجَاهِد اِسْم الْكِسَائِيّ وَحَذَفَ يَعْقُوب، قَالَ: وَالسَّبَب فِي الِاقْتِصَار عَلَى السَّبْعَة مَعَ أَنَّ فِي أَئِمَّة الْقُرَّاء مَنْ هُوَ أَجَلّ مِنْهُمْ قَدْرًا وَمِثْلهمْ أَكْثَر مِنْ عَدَدهمْ أَنَّ الرُّوَاة عَنْ الْأَئِمَّة كَانُوا كَثِيرًا جِدًّا، فَلَمَّا تَقَاصَرَتْ الْهِمَم اِقْتَصَرُوا - مِمَّا يُوَافِق خَطّ الْمُصْحَف - عَلَى مَا يَسْهُل حِفْظه وَتَنْضَبِط الْقِرَاءَة بِهِ، فَنَظَرُوا إِلَى مَنْ اُشْتُهِرَ بِالثِّقَةِ وَالْأَمَانَة وَطُول الْعُمُر فِي مُلَازَمَة الْقِرَاءَة وَالِاتِّفَاق عَلَى الْأَخْذ عَنْهُ فَأَفْرَدُوا مِنْ كُلّ مِصْر إِمَامًا وَاحِدًا، وَلَمْ يَتْرُكُوا مَعَ ذَلِكَ نَقْل مَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّة غَيْر هَؤُلَاءِ مِنْ الْقِرَاءَات وَلَا الْقِرَاءَة بِهِ كَقِرَاءَةِ يَعْقُوب وَعَاصِم الْجَحْدَرِيِّ وَأَبِي جَعْفَر وَشَيْبَة وَغَيْرهمْ، قَالَ وَمِمَّنْ اِخْتَارَ مِنْ الْقِرَاءَات كَمَا اِخْتَارَ الْكِسَائِيّ أَبُو عُبَيْد وَأَبُو حَاتِم وَالْمُفَضَّل وَأَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيُّ وَغَيْرهمْ وَذَلِكَ وَاضِح فِي تَصَانِيفهمْ فِي ذَلِكَ،

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015