إن مناقشة مسألة دعاء ختم القرآن وما يتبعها من مسائل أمر ضروري، ومداولة الرأي و إعادة النظر فيها أمر من الأهمية بمكان.
و رغم أن المسألة الأولي التي طرحها الكاتب و هي مشروعية الدعاء في الصلاة بعد الختم قد رجح عدم مشروعية ذلك إلا أنه أشار - مشكوراً ـ أن " الأمر فيه سعه و ينبغي عدم التشدد فيه " , ذلك لأن فيه خلاف معتبر بين العلماء.
و مع ذلك فإنه ينبغي على الأئمة عموماً أن يكونوا أبعد عن الكيفيات التعبدية التي لم يرد عليها دليل ثابت.
ولئن كانت المسألة خلافية فلماذا لم يعمل بعضهم ـ ولو القليل منهم ـ بما رجحه الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: (أن دعاء القارئ لختم القرآن خارج الصلاة وحضور الدعاء في ذلك أمر مأثور من عمل السلف الصالح من صدر هذه الأمة).
وإن كان في فعل ذلك صعوبة بادي الأمر؛ فليفعلوا مثل ما فعل غيرهم ممن أحيا سنناً أميتت، أو صوراً للتعبد مشروعة نسيت، بأن يتدرجوا ببيان مشروعية ذلك للمصلين، و يبدأ بذلك الأئمة العلماء الذين يثق فيهم المأمومون، و أيضاً يبدأ ذلك من كانت جماعته أقرب للعلم الشرعي و هكذا شيئاً فشيئاً حتى تتسع الدائرة ويكثر المقتدين و تصبح صورة مألوفة.
أما المسألة الأخيرة التي ذكرها الكاتب وهي دعاء الختمة في ركعة الشفع فهي مما يكاد ينفرد بها الحرمان الشريفان، و السبب أن الختمة مقتصرة على صلاة التراويح بينما القيام يستأنف فيها من أول القرآن، والمعروف في غالبية المساجد أنهم يؤخرون دعاء الختم إلى وتر القيام،وهو الموافق لما أشار إليه الشيخان ابن عثيمين و سلمان العودة ـ كما أشار الكاتب ـ.
و المؤسف أنه ليس الأمر الوحيد الذي يخالف فيه أئمة الحرمين الأقرب للسنة أو الصفة المشروعة؛ بل هناك: الإصرار على إحدى وعشرين ركعة بينما الأقرب للسنة إحدى عشر ركعة، وكذلك التوسع في صيغ الدعاء غير المأثور، وكذلك رفع الصوت بالدعاء .. و غيرها.
فليت أنهم يبادرون بخطوة جريئة نحو التصحيح ـ كما ناشدهم الكاتب ـ وليحذوا حذوا سماحة الإمام عبدا لعزيز بن باز حينما وجههم إلى تأخير دعاء ختم القرآن إلى ليلة التاسع و العشرين بدل السابع والعشرين لكي لا يظن الناس أن ليلة السابع و العشرين هي ليلة القدر يقيناً، ولكي لا يحصل الزحام الشديد.
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[16 - Oct-2008, مساء 08:38]ـ
جزى الله الكاتب والناقل خيرا.
رحم الله الشيخ ابن عثيمين: فبكلمة حق شجاعة منه أُبطلت مخالفة صلاة الوتر مرتين في الحرم، وذهبت البدعة كأن لم تكن.
وعقبا للمخالفة الثانية، التي هي مزيج مركب من المخالفات الشرعية من أجلاها البدعية والاعتداء في الدعاء، والله أعلم.
وتزداد المصيبة عندما يُعتقَد أن هذا الأمر سنّة ثابتة، وينقلب الخطأ إلى صواب، ويصير الصواب خطأ، ولهذا تجد بعض العوام يثور على إمام المسجد إذا لم يدعُ دعاء ختم القرآن في رمضان، وحصل لي ذلك من نحو عشر سنوات عندما أممت في أحد المساجد نيابة عن الإمام المريض في رمضان، ووجهّني شيخنا سعد الحميد -جزاه الله خيرا- لكثير من التنبيهات من مخالفة عوائد الناس للسنّة، فتحمل بعض الجماعة (التعديلات)، لكنهم لم يحتملوا أنني فوتُّ عليهم (أجر) دعاء الختم في الصلاة.
ومرة تركها شيخنا عادل الكلباني في إحدى السنوات في جامع الملك خالد، ولا تسل عن سخط الكثيرين ممن لم يعجبهم هذا (المقلب) وتحسروا على أنه فوّت عليهم غيره ممن يختم تلك الليلة، إن لم يتحسر بعضهم أنه بكر وزاحم (بلا فائدة).
وبعضهم لاعتقاد الأجر فيها يتتبع الختمات في بعض المساجد، ويقول: فلان يختم ليلة 25، وفلان 27 في التراويح، وآخر في التهجد (وبعضهم يظن أن كلا صلاة مختلفة عن الأخرى، وتلك خاصة مشروعة في ليالي العشر الأخير)! وهذا يختم ليلة 29، ويحصل من الاعتداء والمخالفة في الدعاء والتخشع بغير القرآن ما يحصل.
وسبق أن زرت أحد المشايخ السلفيين الُعبّاد، وهو الشيخ المعمر محمد بن عبد الوهاب البنّا، برفقة شيخنا الفقيه عبد العزيز بن قاسم.
فكان مما انجر له الكلام أن عاتب الشيخ حفظه الله وقال: نحن كنا نحارب البدع في مصر، وجاءت قضية الختمة وانتشرت هذه البدعة بين السلفيين بسبب العمل بها في الحرم! ولم تكن معروفة عندنا قبل.
وكان أحد زملائنا ممن درس على الشيخ ابن عثيمين يريد جمع رسالة في مخالفات الأئمة ولا سيما في رمضان، وليته يفعل!
القضية تحتاج لتبنٍّ وتوجيه من أهل العلم الكبار، كما فعل سماحة الشيخ ابن باز، عندما أحيا السنة في صلاة 11 ركعة في التروايح، ولم يبالِ مخالفة السائد عندالمشايخ والعوام، بل كان الدليل رائده، وما هي إلا برهة من الدهر لما علم طلبة العلم والأئمة قوة المسألة واتضحت لهم اتجهوا لها وصارت هي السائدة، وما كان سائدا هو الغريب.
ـ[أوان الشد]ــــــــ[18 - Oct-2008, صباحاً 06:05]ـ
الأخ محمد زياد التكلة أشكرك على مرورك وتعليقك
وجزاك الله خيراً
¥