عثمان .. ). قال الشيخ عطية محمد سالم تعقيباً على ما سبق: (يدل أنه كان عملا عاما في تلك الأمصار, مكة والبصرة والمدينة. ويشير إلى أنه لم يكن قبل زمن عثمان, كما يدل على أنه من عمل عثمان إن صحت عبارته, ويروي أهل المدينة في هذا شيئا .. إلخ. وعلى كل فقد فعله أحمد - رحمه الله - مستدلا بفعل أهل الثلاثة المذكورة, مستأنسا بما يروي أهل المدينة في هذا عن عثمان. مما يدل على أنه كان موجودا بالمدينة عمل دعاء الختم الذي يعمل اليوم في التراويح مع طول القيام).

وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - في مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (11 - 333 - 334) أن كثيرا من الأئمة يحرصون على ختم القرآن في التراويح والتهجد لإسماع الجماعة جميع القرآن. فهل في ذلك حرج؟. فأجاب - رحمه الله -: (هذا عمل حسن, فيقرأ الإمام كل ليلة جزءا أو أقل, لكن في العشر الأخيرة يزيد حتى يختم القرآن ويكمله, هذا إذا تيسر بدون مشقة. وهكذا دعاء الختم فعله الكثير من السلف الصالح, وثبت عن أنس - رضي الله عنه - خادم النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله, وفي ذلك خير كثير. والمشروع للجماعة أن يؤمنوا على دعاء الإمام, رجاء أن يتقبل الله منهم).

ويرى الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - أنه لا أصل للدعاء بعد الختم من الصلاة. ففي فتاوى الشيخ (14 - 226) يقول: (والدعاء بعد ختم القرآن إما أن يكون بعد ختمة في الصلاة, أو خارجها. ولا أصل للدعاء بعد الختمة في الصلاة. وأما خارجها فقد ورد فعله عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -). وعندما سئل - رحمه الله - في فتاوى أركان الإسلام (354) عن حكم دعاء ختم القرآن في قيام الليل في شهر رمضان؟. أجاب: (لا أعلم في ختمة القرآن في قيام الليل في شهر رمضان سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم, ولا عن أصحابه أيضا. وغاية ما ورد في ذلك أن أنس بن مالك - رضي الله عنه - كان إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا, وهذا في غير الصلاة).

بل إن الشيخ بكر بن زيد - رحمه الله - لم يتردد في تأصيل هذه المسألة تأصيلا شرعيا, وتحريرها بأسلوب علمي في كتابه (الأجزاء الحديثية) المتسم بالمنهجية والمرجعية. ومما جاء في خاتمتها من مجموع السياقات في الفصلين السالفين, نأتي إلى الخاتمة في مقامين. المقام الأول: في مطلق الدعاء لختم القرآن - والمتحصل في هذا ما يلي:

أولاً: أن ما تقدم مرفوعاً وهو في مطلق الدعاء لختم القرآن لا يثبت منه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم, بل هو إما موضوع أو ضعيف لا ينجبر. ويكاد يحصل القطع بعدم وجود ما هو معتمد في الباب مرفوعا, لأن العلماء الجامعين الذين كتبوا في علوم القرآن وأذكاره, أمثال: النووي و ابن كثير و القرطبي و السيوطي لم تخرج سياقاتهم عن بعض ما ذكر, فلو كان لديهم في ذلك ما هو أعلى إسنادا لذكروه.

ثانياً: أنه قد صح من فعل أنس بن مالك - رضي الله عنه - الدعاء عند ختم القرآن, وجمع أهله وولده لذلك. وأنه قد قفا, أي: (تابعه) على ذلك جماعة من التابعين, كما في أثر مجاهد بن جبر- رحمهم الله تعالى - أجمعين.

ثالثاً: أنه لم يتحصل الوقوف على شيء في مشروعية ذلك في منصوص الإمامين أبي حنيفة والشافعي - رحمهما الله تعالى -وأن المروي عن الإمام مالك - رحمه الله - أنه ليس من عمل الناس, وأن الختم ليس سنة للقيام في رمضان.

رابعاً: أن استحباب الدعاء عقب الختم هو في المروي عن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - كما ينقله علماؤنا الحنابلة, وقرره بعض متأخري المذاهب الثلاثة.

المقام الثاني:

في دعاء الختم في الصلاة - وخلاصته فيما يلي:

أولاً: أنه ليس فيما تقدم من المروي حرف واحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو عن أحد من صحابته - رضي الله عنهم - يفيد مشروعية الدعاء في الصلاة بعد الختم قبل الركوع, أو بعده لإمام أو منفرد.

ثانياً: أن نهاية ما في الباب هو ما يذكره علماء المذهب من الرواية عن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - في رواية حنبل والفضل والحربي عنه - والتي لم نقف على أسانيدها - من جعل دعاء الختم في صلاة التراويح قبل الركوع.

وفي رواية عنه لا يعرف مخرجها, أنه سهل فيه في دعاء الوتر.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015