ـ[أوان الشد]ــــــــ[06 - Oct-2008, صباحاً 06:07]ـ
ختمة في شفع .. بين الاتباع والـ ... !
د. سعد بن عبد القادر القويعي
كلما أرخى الليل ستاره, وزاد ظلامه, كانت صلاة التراويح ألذ, ومناجاة الرب أكمل, احتساباً للأجر والثواب.
وكلما مر على الأكوان هلال رمضان, عاد إلى الناس حنينها إلى صلاة التراويح. فصلاة التراويح من السنن المؤكدة. كما في الحديث المتفق عليه, عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً, غفر له ما تقدم من ذنبه). وكما في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج ذات ليلة من جوف الليل, فصلى في المسجد, فصلى رجال بصلاته, فأصبح الناس فتحدثوا, فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه, فأصبح الناس فتحدثوا, فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة, فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, فصلوا بصلاته, فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله, حتى خرج لصلاة الصبح, فلما قضي الفجر أقبل على الناس فتشهد, ثم قال: (أما بعد, فإنه لم يخف علي مكانكم, لكني خشيت أن تفرض عليكم, فتعجزوا عنها).
وإلى هذا المعنى يشير ابن عبد البر- رحمه الله - في التمهيد (8/ 108 - 109): (قيام رمضان سنة من سنن النبي -صلى الله عليه وسلم-, مندوب إليها مرغوب فيها. ولم يسن منها عمر- رضي الله عنه - إذ أحياها إلا ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحبه ويرضاه. ولم يمنع من المواظبة عليه إلا خشية أن يفرض على أمته, وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما -صلى الله عليه وسلم-، فلما علم ذلك عمر- رضي الله عنه - من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلم أن الفرائض لا يزاد فيها ولا ينقص منها بعد موته -صلى الله عليه وسلم-, أقامها للناس وأحياها وأمر بها. وذلك سنة أربع عشرة من الهجرة, وذلك شيء ادخره الله له وفضله به).
وقد كان جبريل عليه السلام يدارس القرآن مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان كل ليلة, يسمعه ويتدبره ويتلوه, ويتأمل مواعظه وعبره ومعانيه ودلالاته, كما في الصحيحين عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس, وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن, فلرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود بالخير من الريح المرسلة. وفي العام الذي توفي فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عارضه جبريل القرآن مرتين. فاستنبط أهل العلم من تلك المدارسة والمعارضة بين جبريل عليه السلام والنبي -صلى الله عليه وسلم- مشروعية ختم القرآن في رمضان. فختم القرآن في رمضان وغيره, والدعاء عند ختمه, أمر محمود لصاحبه. وهذا لا إشكال فيه عند أهل العلم, بل هو مستحب, لحديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (من قرأ القرآن فليسأل الله - تبارك وتعالى - به). رواه أحمد والطبراني. وكما في سنن الدارمي - بسند جيد - أن أنس ابن مالك - رضي الله عنه - (كان إذا ختم القرآن الكريم جمع أهل بيته فدعا بهم).
وإنما وقع الإشكال بين أهل العلم في مسألة دعاء ختم القرآن في صلاة التراويح والقيام. فهناك من أجازه بإطلاق, وهناك من لم يشدد فيه, وهناك من منعه, وقال: لا أصل للدعاء بعد ختم القرآن في الصلاة. فممن أجازه ابن قدامة - رحمه الله - في المغني (2 - 171) حيث قال: (فصل في ختم القرآن. قال الفضيل بن زياد: سألت أبا عبدالله, فقلت: أختم القرآن, أجعله في الوتر أو في التراويح؟. قال: اجعله في التراويح حتى يكون لنا دعاء بين اثنين. قلت: كيف أصنع؟. قال: إذا فرغت من آخر القرآن فارفع يديك قبل أن تركع, وادع بنا ونحن في الصلاة وأطل القيام. قلت: بم أدعو؟. قال: بما شئت. قال: ففعلت بما أمرني, وهو خلفي يدعو قائما ويرفع يديه. قال حنبل: سمعت أحمد يقول في ختم القرآن: (إذا فرغت من قراءة (قل أعوذ برب الناس) فارفع يديك في الدعاء قبل الركوع. قلت: إلى أي شيء تذهب في هذا؟. قال: رأيت أهل مكة يفعلونه, وكان سفيان بن عيينة يفعله معهم بمكة. قال العباس بن عبد العظيم: وكذلك أدركنا الناس بالبصرة وبمكة. ويروي أهل المدينة في هذا شيئا, وذكر عن
¥