نعم هنالك مبالغات وتجاوزات خطيرة جداً في بعض أقاليم المسلمين تبعث النَّاشئة على تعلم التقطيع الموسيقي للنغم , ويكون ذلك على حساب الإخلال بأحكام التجويد , وهذا أمرٌ قبيحٌ مرفوضٌ , كرفضِ وصف بعض الإخوة الكرام لكل من حسَّن صوته بالقرآن بلحنٍ لم تألفه آذانهم - عملاً بمطلق النصوص النبوية - بأنه متنطعٌ.

ولي عودة إن شاء الله تعالى

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 11:36]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،

فنظراً لانتشار التكلف في أحكام التجويد في عصرنا انتشاراً مخيفاً، حتى صرفت فيه جهود خيرة أبناء المسلمين وأوقاتهم، وحتى آل الأمر إلى التطريب والتلحين والتشبه بالفساق في ألحانهم وفسقهم، وحتى اقترب الأمر من اتخاذ آيات الله هزوا، وأصابنا ما أصاب أهل الكتابين قبلنا الذين قال الله فيهم (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون) وقال عنهم (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا)؛ لذا وجب التنبيه على سنة السابقين الأولين في ذلك حتى نتبعهم بإحسان. وخلاصة القول في طريقة تلاوة القرآن هي أن نقول:

إن من المتيقن أن الله ما جعل لرجل من قلبين في جوفه، فإذا صرف قلبه للتنطع في إقامة اللفظ كان ذلك على حساب التدبر للمعاني الذي من أجله أنزل القرآن،قال تعالى (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته) وقد أدركنا وسمعنا أقواماً من حذاق أهل التجويد قد اعترفوا بأنهم لا يستطيعون التدبر إن أرادوا القيام بكل القواعد المتكلفة في التجويد.

قلتُ:

ليس في التجويد قواعد متكلَّفةٌ كما يفيده كلامُ الشيخ فهو علمٌ نبويٌ شريفٌ , وهو أجل علوم الإسلام لاتصاله بأعظم كلامٍ وفضله على العلوم كفضل القرآن عليها , وليس التنطع والمبالغة في التجويد من التجويد في شيئ , والمتكلف المتنطع في التجويد شأنه شأن الجاهل به في نسبتهما إليه ,وأنا أعجب من قول الشيخ " القواعد المتكلفة في التجويد" وليته مثل لها ولو بمثال واحد.

وإن الذي لا نشك فيه أن الصحابة كانوا يقرأون القرآن على سجيتهم وطبيعتهم دون لحن ولا تكلف، كما هي قراءة العلماء الراسخين الذين أدركناهم، وكما تواترت عليه أمة محمد عليه الصلاة والسلام جيلاً إثر جيل، وتواترها هذا أقوى من الصفات التي يأخذها القراء ويزعمون أنها متواترة.

وقد أنكر الشافعي والإمام أحمد قراءة حمزة لما فيها من الإمالة وغيرها،قال ابن هانئ في مسائله برقم (1953 - 1954) سألت أبا عبدالله-يعني الإمام أحمد- قلت: نصلي خلف من يقرأ قراءة حمزة؟ قال إن كان رجلاً يقبل منك فانهه، قال أبو عبدالله: سمعت عبدالرحمن بن مهدي يقول: لو صليت خلف من يقرأ قراءة حمزة أعدت الصلاة.

قلتُ:

عجبي للشيخ حفظه الله الذي لا يشك في موافقة قراءة من أدركهم لقراءة الصحابة وهذه النتيجة هي من علم الغيب الذي تفرد الله به , فكيف قارن بين الجيلين وقراءتهما حتى ثبت لديه بلا شك أن قراءة من أدركهم هي القراءة التي كان الصحابة يقرؤون بهاو وأنّ غيرها تنطعٌ وتكلفٌ.

وليت شعري ما هو التواتر الذي ثبت عند الشيخ به هذا التشابه ثبوتاً أقوى من ثبوت الصفات التي يأخذها القراء ويزعمون أنها متواترة , وما هي هذه الصفات التي يعنيها الشيخ.؟

بقي دليل الشيخ الذي ساقه ظنا منه أن فيه إسعافاً له في الحكم على ما لم يألفه بالخروج عن الجادة والفطرة إلى التكلف والمبالغة ,وهو أثر الإمامين الجليلين الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى وقدس روحيهما.

وليته استفاض في قراءة التوجيهات التي اعتذر لهم بها أهل العلم رحمهم الله تعالى , فكلاهما كما هو معروفٌ في ترجمتهما لم يكن ذا دراية وعلمٍ متخصص في القراءات , وقد علمنا أن نأخذ من آثارهما ما وافق الحق ونطَّرح ما سواه.

وقد اعتُذر لهما عن ذلك بأنهما يعنيان بذلك ما سمعاه من تكلف بعض القراء في زمنيهما فظنا هذا التكلف هو الثابت عن حمزة والكسائي رحمهما الله فأنكراه وكرهاه.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015