فإن صحّ ذلك، فإنّما لفقهها، فلا يجاوز آية إلى غيرها دون فقه وفهم.

وأخرج الآجرّي في " حملة القرآن " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " لا تنثروه نثر الدّقل، ولا تهذّوه هذّ الشّعر، قفوا عند عجائبه، وحرّكوا به القلوب، ولا يكون همّ أحدكم آخر السّورة ".

وذمّ الله الخوارج بسبب أنّهم يتلون كلام الله دون أن يصل إلى قلوبهم فيعقلوه، كما في الحديث المتّفق عليه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا أَوْ فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ».

ولذلك أكّد العلماء على أنّ قراءة القرآن ينبغي أن تكون بالتدبّر والتفهّم، فهو المقصود الأعظم، والمطلوب الأهمّ، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب، قال تعالى: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِه) [ص: 29].

، قال النّووي في " شرح المهذّب ": " وصفة ذلك، أن يشغل قلبه بالتّفكير في معنى ما يلفظ به، فيعرف معنى كلّ آية ويتأمّل الأوامر والنّواهي، ويعتقد قبول ذلك، فإن كان ممّا قصّر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر، وإذا مرّ بآية رحمة استبشر وسأل، أو عذاب أشفق وتعوّذ، أو تنزيه نزّه وعظّم، أو دعاء تضرّع وطلب، أخرج مسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال: " صلّيت مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذات ليلة، فافتتح البقرة فقرأها، ثم النّساء فقرأها، ثمّ آل عمران فقرأها، يقرأ مترسّلا، إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوّذ تعوّذ ".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى " (13/ 332): " ومن المعلوم أنّ كلّ كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرّد ألفاظه، فالقرآن أولى بذلك، وأيضا فالعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فنّ من العلم كالطبّ والحساب ولا يستشرحوه، فكيف بكلام الله الّذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم؟ .. ".

هذا ما تيسّر قوله في الإجابة عن هذا السّؤال، والله أعلم.

(منار الجزائر): http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&task=view&id=413&Itemid=6

ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 05:12]ـ

قال في حاشية المشايخ 3/ 48: القراءة بالألحان، ولها حالتان:

الأولى: أن يكون التلحين مفرطاً يؤدي إلى إخراج القرآن عن صيغته بإدخال حركات فيه أو إخراجها أو قلب الحركات إلى حروف. فقد حرم ذلك المالكية والشافعية. (الشرح الكبير للدردير 1/ 308، وروضة الطالبين 11/ 227)، لقوله تعالى: ? قرأنا عربيا غير زي عوج ? ومثل ذلك عدول عن نهج القرآن القويم إلى الأعوجاج.

الثانية: أن يكون التلحين غير مفرط بحيث لا يخرج القرآن عن صيغته. فعند الحنفية والشافعية والحنابلة: إباحة ذلك. (المصادر السابقة). لعموم أدلة استحباب تحسين الصوت بالقرآن. وعند الإمام مالك: كراهة ذلك. (المدونة 4/ 421). لحديث حذيفة مرفوعاً: " اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الكتاب والفسق، فإنه سيجيء من بعدي أقوام يرجعون ترجيع الغناء والنوح لا يجاوز حناجرهم ... " عزاه الهيثمي في المجمع 7/ 169 للطبراني في الأوسط وقال: " فيه راو لم يسم، وبقية أيضاً ".

والأقرب: كما ذكر شيخ الإسلام وابن القيم: أن تزيين الصوت بالقرآن وتحسينه مع المحافظة على الخشوع والتدبر مطلوب، أما صرف الهمة إلى اللفظ والتنطع في إخراج الحرف والمبالغة في الترقيق والتفخيم والنطق وشغل القلب بذلك فليس من سنته صلى الله عليه وسلم.

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 11:23]ـ

مع احترامي للشيخ إلا أنه لم يوفق في نقاطٍ من كلامه أعلاه , وبالنسبة لمن يتذرع بلحون العرب , هل يستطيع إسماعنا لحنا واحداً منها نميز به القرآن عن لحون غيرهم.

علماً أنَّ غالب من ينكر المقامات وإعمالها في التلاوة يجهل حقيقتها ولو كان فقيهاً أو عالماً محدثاً , فالحكم على الشيئ فرع عن تصوره.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015