«وأبو الزبير مدلّس، وقد عنعنه، لكن حديثه في الشواهد لا بأس به، لا سيما وقد صرّح بالتحديث في رواية ابن لهيعة عنه، وأما مسلم فقد احتج به!». [«السلسلة الصحيحة» (1/ 472)]
قال –رحمه الله-: « ... وقد أخرجه مسلم من طريق سفيان عن أبي الزبير عن جابر هكذا معنناً.
وأبو الزبير مدلس معروف بذلك، ولا يحتج بحديثه إلا ما صرّح بالتحديث، وقد صرح به في رواية ابن جريج هذه، وهي فائدة هامة .... ». [«السلسلة الصحيحة» (1/ 747)]
ونقل قول الذهبي في ترجمة أبي الزبير: «وفي «صحيح مسلم» عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع عن جابر، ولا هي من طريق الليث عنه، ففي القلب منها شيء». [«السلسلة الضعيفة» (9/ 319)]
أما الترمذي فعلى سبيل المثال –أيضاً-:
قال –رحمه الله- متعقباً تحت حديث «كان يذكرُ اللهَ على كل أحيانه»: «وقال الترمذي: «حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن زكريا بن أبي زائدة». قلت: بلى قد تابعه الوليد بن القاسم بن الوليد الهمداني, وهو ثقة حسن الحديث إذا لم يخالف.
أخرجه الإمام أحمد .... وفيه فائدة هامة وهي تصريح زكريا بسماعه من خالد, فإنه قد قيل فيه: إنه يدلس عن الشعبي, وبعضهم كأبي داود و غيره أطلق ولم يقيده بالشعبي. والله أعلم.
وفي «العلل» (1/ 51): «سألت أبا زرعة عن حديث خالد بن سلمة ... (فذكره) ? فقال: ليس بذاك, هو حديث لا يروى إلا من هذا الوجه. فذكرت قول أبي زرعة لأبي -رحمه الله- ? فقال: الذي أرى أن يذكر الله على الكنيف وغيره على هذا الحديث».
قلت [أي: الألباني]: فقد (اختلف الإمامان) أبو زرعة وأبو حاتم في هذا الحديث, فضعفه الأول, وصححه الآخر, كما يدل عليه احتجاجه بالحديث وعدم موافقته على قول أبو زرعة, وذلك عجيب منه, فقد ذكروا في ترجمة البهي عنه أنه قال: «لا يحتج به و هو مضطرب الحديث». والحق أن الحديث قوي لم يتكلم فيه غير أبي حاتم وقد صحح الحديث مسلم ووثق البهي ابن سعد وابن حبان». [«السلسلة الصحيحة» باختصار (1/ 762 - 763)]
وقال –متعقباً الترمذي-: «وأما الترمذي فقال: «حديث غريب. والضحاك هو ابن عبد الرحمن بن عرزب ويقال ابن عرزم أصح». ولا أدري لماذا استغربه الترمذي واستغرابه يعني التضعيف غالباً مع أن رجاله كلهم ثقات, فالسند صحيح كما قال الذهبي تبعاً للحاكم». [«السلسلة الصحيحة» (2/ 77)]
وقال: « .. فقوله [أي: ابن حجر] المتقدم في راويه (دراج) يستلزم أن يكون الحديث ضعيفاً.
وهو الصواب الذي تقتضيه قاعدة: «الجرح المفسر مقدم على التعديل» التي يتفرع عنها: أن التضعيف مقدم على التصحيح إذا تبينت العلة، كما هنا.
ولذلك، فقد أخطأ من قلد الترمذي في تحسينه - ولا سيما وهو من المتساهلين كابن حبان والحاكم - كالمعلق على «جامع الأصول» (11/ 699)، والمعلق على «الأمثال الحكم» للماوردي (ص99) قال: «ويرى الألباني أن الحديث ضعيف، ضعيف الجامع (6/ 79)»!!
ولم يقدم أي دليل في مخالفته لهذا التضعيف الذي يقتضيه قواعد هذا العلم الشريف كما ألمحت إليه آنفا!». [«السلسلة الضعيفة» (12/ 332)]
وقال -أيضاً-: « ... فلا يهمنَّك تصحيحُ مَن صحح الحديث؛ فإنه إما لتساهل عرف به كالترمذي وابن حبان .... ». [«السلسلة الضعيفة» (12/ 902)]
يتبع -بمشيئة الله-
ــــــــــــ
(1) لم ينفرد الإمام الألباني بتضعيف أحاديث يسيرة في «صحيح مسلم» أو «صحيح البخاري»، وهو مسبوق من بعض المتقدمين والمتأخرين، وحسب أصول وقواعد علم الحديث ومصطلحه، ولو لا خشية الإطالة لذكرت هذه الأحاديث، وبعضها لا يخفى على فضيلة الشيخ التخيفي أو مَن هو دونه مِن طلبة العلم، فكلامُه مجازفة خطيرة، بعيد عن الحقيقة العلمية، إن لم يكن مغالطة مكشوفة!
أمّا قوله –سدده المولى- في (د: 36) عن أحاديث «صحيح البخاري» بعد أن ذكر تمحيصَ وتدقيقَ العلماء لها وقالوا: الصواب مع البخاري في كلها إلا أحرف يسيرة .. لأنها في ألفاظ أو في أسماء؛ قال: «أحرف يسيرة مثل لو تقرأ في «هدي الساري» تجد أشياء مثل ذلك: يقول: حديث صح عن ابن مسعود والبخاري خَلّه لابن عباس، وهو صحيح عند الطريقين، ولكن الأولى أن يكون عن ابن عباس –مثلاً-، فهو بس اختلاف في اسم، وإلا فهو صحيح وهم كلهم صحابة ... ، ومن الأشياء التي يراها من أهل الشام اسمه مالك بن بحينة سمّها البخاري عبدالله بن مالك بن بحينة، هو اسمه مالك بن بحينة، سمها باسم عبدالله .. أحرف يسيرة».
قلت: هذه غريبة مِن فضيلة الشيخ التخيفي! وزَلَّة عسيرة ليست باليسيرة!!
فهل متون أحاديث «صحيح البخاري» ليست داخلة في هذه (الأحرف اليسيرة)؟!
(2) قال الألباني في «السلسلة الضعيفة» (5/ 491): « ... والحديث مما تساهل الهيثمي في نقده, فقال في «مجمع الزوائد» (2/ 100 - 101): «رواه الطبراني في «الأوسط» , وكثير ضعيف, وقد حسن الترمذي حديثه»!
قلت: وهذا من تساهل الترمذي –أيضاً-, بل إنه قد يصحح حديثه أحياناً, ولذلك قال الذهبي: «فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي» ... ».
(3) «روى الترمذي حديث: «مكتوب في التوراة صفة محمد، وعيسى يدفن معه». قال: أبو مودود: وقد بقي في البيت موضع قبر. وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».
كذا قال! وخالفه شيخه البخاري؛ فقال عقبه: «هذا لا يصح عندي، ولا يتابع عليه».
ذكره في ترجمة (محمد بن يوسف) هذا، ولم يوثقه أحد غير ابن حبان ... ». [«السلسلة الضعيفة» (14/ 1061)]
وهناك أمثلة كثيرة على تعقب العلماء المتقدمين والمتأخرين على الترمذي، فقول الشيخ التخيفي: «والصواب مع الترمذي إلا النادر النادر»؛ قولٌ نادرٌ نادر!
¥