وليت شعري لِمَ ألّف هو وغيره في أصول الحديث؟! ولم ألّفوا في أصول الفقه؟! أللتسلية والفُرجة وتضييع الوقت؟! أم للعمل بمقتضاها، وربط الفرع بأصولها؟! وهذا يستلزم الاجتهاد الذي أنكروه؟! ونحمد اللهَ تعالى أننا لا نُعْدَمُ في كل عصر مِن علماء يردون أمثال هذه الزلات مِن مثل هذا العالم، وقد رد عليه الحافظ ابن حجر، وشيخه العراقي في شرحه عليه وغيرهما، كالسيوطي في «ألفيته».
فقال بعد أن ذكر رأي ابن الصلاح في أحاديث «المستدرك»:
جرياً على امتناع أن يصححا .... في عصرنا كما إليه جنحا
وغيره جوزه وهو الأبر ..... فاحكم هنا بما له أدّى النّظر».
[«صحيح سنن أبي داود» -الكتاب الأم- (1/ 17)]
ـ وهذه بعض الردود الألبانية (الصوتية) على هذه البدعة العصرية:
[قمت بعدم وضع الروابط الصوتية في هذا المجلس، والسبب ما ذكرته في الملحوظة الآتية:]
ملحوظة: هذه الفتاوى مأخوذة من (الباحث في فتاوى الألباني الصوتية)، وقد نشرتها في إحدى المنتديات قبل أكثر من شهر؛ فحُجبت هذه المواد الصوتية مِن قِبَل (مجلس المشرفين)؛ للنظر فيها! وما زلنا ننتظر!!
هذه بعض التعقيبات على الوقفات المذكورة:
أولاً/ سبق تنبيهك مراراً إلى البعد عن أسلوب الغمز في إخوانك المسلمين، فكيف إذا تناول الغمز
أحد العلماء! لكن من شبَّ على شيء شاب عليه
ثانياً/ الإكثار من التعجبات أصبح سمة عليك في المجلس العلمي، وهو قبل ذلك سمةٌ على من تنقل مقالات أحياناً
ثالثاً/ لا بأس بالاستدراك على الشيخ التخيفي -رفع الله قدره- أو غيره من أهل العلم، والاستدراك
عليهم لا يحط من أقدارهم، ولا يؤثر على مكانتهم
إلا أنَّ المهمَّ أن يكون الاستدراكُ عليهم بعلم وأدب، ومن الأدب التماسُ العذر لهم فيما أخطؤوا فيه
وأم التشنيع عليهم والغمز فيهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة= فهو من أساليب السَّفَلة
وكم كتبت من استدراكات على الشيخ العلامة الألباني -رحمه الله- وقيّدتها على كتبه، ولم يكن هذا
حاطاً من مكانته في قلبي، ولم أسجل كلمة تحط من قدره -رحمه الله- وما يكون لي أن أفعل هذا
رابعاً/ استدراكك على الشيخ عبدالعزيز التخيفي في محلِّه، وأحسنت في هذا
لكنك أسأت في طريقتك، وفي أسلوب الاستدراك، وفي طريقة الغمز التي استعملتَها
ووقوع الشيخ في هذا الخطأ أو غيره لا يقتضي منك هذا، ولا يخفى عليك أنَّ جمعاً من أهل العلم ذكروا هذا اللفظ في كتبهم، فهل يلحقهم اللوم والغمز المضمَّن في كلامك!!
ومن هؤءلا الذين أوردوا الحديث بلفظ: (خير القرون ... ) ابن بطال وابن تيمية وابن كثير وابن رجب وابن حجر وغيرهم كثير
فالمسألة لا تحتمل كل الكلام المذكور، مع أهمية الاستدراك والتنبيه عليه، لكن قد جعل الله لكل شيء قدراً
خامساً/ مناقشة المنهج الذي يطرحه الشيخ لا يكون بمثل هذه الطريقة، وقد أشرت في النص الذي نقلتَه عني أنَّ تقريرات الشيخ عبدالله السعد أشمل وأقوى من تقريرات شيخنا الشيخ عبدالعزيز التخيفي، فهلا عمدتَ إلى تقريرات الشيخ عبدالله السعد فناقشتها!! خاصة وقد أشرت إلى ذلك، بل نقلتَ ذلك في مشاركتك
سادساً/ قولك: (ظهرت نابتة ... ) وتسميتك لهذا المنهج بـ (البدعة العصرية):
أحب أن أبيِّن لك أنَّ مناقشةَ هذه المناهج العلمية لا يفيد فيها مثل هذا الكلام الإنشائي الضعيف بل يكون بكلام علمي وبحجة وبرهان
ومن تسمِّيهم (نابتة) لم يقولوا بقبول قول الأئمة بإطلاق، بل قالوا بقبول قولهم إذا لم يختلفوا، وهؤلاء الأئمة درجات في علم العلل كما هم درجات في علم الجرح والتعديل
فإذا اتفقوا كان واجباً على الباحث أن يتلمَّسَ طريقتهم، ويجتهدَ في فهم كلامهم، ويحاولَ الوقوف على طريقة تعليلهم وإذا اختلفوا فينظر الباحث في الترجيح بين أقوالهم بمقتضى منهجهم في التعليل أو الجرح والتعديل
وأما طريقة بعض المعاصرين في محاكمة كلام الأئمة المتقدمين ببعض قواعد المصطلح وقواعد الجرح والتعديل فهي طريقةٌ غلط، وهي حرفيةٌ تدلُّ على القصور عند ذلك المتأخِّر في فهم تصرفات الأئمة
وأما ما ذكرتَ من كون بعض الناس يظنُّ أنه قد حكمَ الأئمةُ على جميع الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً، فلا أظنك تتحدث في هذا الكلام إلا عن بعض الجهلة، وإلا فكلُّ من درس علم الحديث يعلم أنَّ هناك أحاديث كثيرة لم يحكم عليها الأئمة صراحة تصحيحاً أوتضعيفاً
سابعاً/ إشارتك إلى كثرة الأخطاء اللغوية في محاضرة الشيخ؛ وأودُّ أن أفيدك بأمر يتعلق بسيرة الشيخ:
الشيخ وفقه الله ليس ممن يتكلف تنسيقَ الكلام وتنميقه، بل هو في دروسه وفي حديثه مع طلاب العلم يتكلم من غير تكلف، ويجتهد في تيسير المسألة وتوضيحها للطلاب
وإذا كنتَ تريد معرفةَ جودة لغة الشيخ وأسلوبه فانظر في رسائله العلمية وبحوثه، وأحدها مطبوع
ضمن مجلة البحوث التابعة لإدارة الإفتاء بالسعودية
والتساهل في الكلام مقبولٌ ومستعملٌ عند كثير من العلماء بالشريعة واللغة أيضاً
بينما لا يقبل ذلك التساهل في الكتابة كما هو معلوم
ولذا فإجهاد نفسك بمتابعة الأخطاء اللغوية لا داعيَ له، لكن من لم تكن له نيةٌ حسنة فسيجتهد في تتبع الأخطاء قدرَ الطاقة
¥