قال عبدة بن سليمان: كنا في سرية مع عبد الله بن المبارك في بلاد الروم فصادفنا العدو، فلما التقى الصفان خرج رجل من العدو فدعا إلى البِراز فخرج إليه رجل فطارده ساعة فطعنه فقتله، ثم آخر فقتله ثم دعا إلى البِراز، فخرج إليه رجل فطارده ساعة فطعنه فقتله، فازدحم عليه الناس وكنت فيمن ازدحم عليه فإذا هو مُلَثّمٌ وجهه بكمه، فأخذت بطرف كمه فمددته، فإذا هو عبد الله بن المبارك فقال: و أنت يا أبا عمرو! ممن يشنع علينا.

قال محمد بن القاسم: صحبت محمد بن أسلم أكثر من عشرين سنة لم أره يصلي حيث أراه ركعتين من التطوع إلا يوم الجمعة، وسمعته كذا وكذا مرة يحلف لو قدرت أن أتطوع حيث لا يراني ملكاي لفعلت خوفاً من الرياء، وكان يدخل بيتا له ويُغلق بابه، ولم أدرِ ما يصنع حتى سمعت ابناً له صغيرا يحكي بكاءه، فنهته أمُّه، فقلت لها: ما هذا؟ قالت: إن أبا الحسن يدخل هذا البيت فيقرأ ويبكي فيسمعه الصبي فيحكيه، وكان إذا

أراد أن يخرج غسل وجهه واكتحل فلا يرى عليه أثر البكاء.

وكان أيوب السختياني في مجلس فجاءته عَبْرَة، فجعل يتمخّط ويقول: ما أشدّ الزكام.

هذا نزر يسير من حرصهم على إخفاء أعمالهم حتى لا يدخلها الرياء، ولا يجد الشيطان مدخلا إلى نفوسهم.

فرحم الله سلف هذه الأمة ما أعظم فقههم وما أدق فهمهم.

==================

وسألت أخت كريمة فاضلة، فقالت:

حديثين شيخنا الفاضل ... هل يمكن أن نعلم مدى صحتهما بارك الله فيك:

(نية المؤمن أبلغ من عمله ونية الفاجر شر من عمله)

وفي رواية (إن الله عز وجل ليعطي العبد على نيته مالايعطيه على عمله) لأن النية لارياء فيها والعمل يخالطه الرياء ....

وبارك الله فيكم

-----------

الجواب:

بورك فيك أختي الفاضلة، وشكر الله سعيك وحيّاك معنا

وزادك الله فقهاً وحرصا على طواعية الله ورسوله

أما الحديث الأول فهو بلفظ: نية المؤمن خير من عمله، وعمل المنافق خير من نيته، وكل يعمل على نيته، فإذا عمل المؤمن عملا، ثار في قلبه نور.

فهو حديث ضعيف المعنى والمبنى

وقد ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في ضعيف الجامع برقم 5977

وقد تكون نيّة المؤمن خيرٌ من عمله كما تقدم في حديث: " إنما الدنيا لأربعة نفر "

وكما في قوله عليه الصلاة والسلام: إن الله تعالى قد أوقع أجره على قدر نيته.

وفيه قصة، وذلك أن عبد الله بن ثابت كان قد تجهز للغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مات قالت ابنته: والله إن كنت لأرجو أن تكون شهيداً، فإنك كنت قد قضيت جهازك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل قد أوقع أجره على قدر نيته. رواه الإمام أحمد وغيره، وهو حديث صحيح.

وقد يكون العمل أبلغ، خاصة إذا كان بعيداً عن أعين الناس، أو كان نفعه مُتعدّياً.

وأما الرواية الثانية التي أشرتِ إليها:

" إن الله عز وجل ليعطي العبد على نيته مالا يعطيه على عمله "

فهي بقية الحديث الأول، وأشار إلى ضعفها العجلوني في كشف الخفاء

ولم أرها في شيء من كتب السنة إلا في مسند الفردوس بلفظ:

نية المؤمن خير من عمله وإن الله عز وجل ليعطي العبد على نيته ما لا يعطيه على عمله وذلك إن النية لا رياء فيها والعمل يخالطه الرياء.

ولا يصح.

والله أعلم.

فائدة:

لقي رجل يحيى بن أكثم وهو يومئذ على قضاء القضاة فقال له: أصلح الله القاضي كم آكل؟

قال: فوق الجوع، ودون الشبع.

قال: فكم أضحك؟

قال: حتى يُسفر وجهك، ولا يعلوا صوتك.

قال: فكم أبكي؟

قال: لا تمل البكاء من خشية الله.

قال: فكم أخفي من عملي؟

قال: ما استطعت.

قال: فكم أظهر منه؟

قال: ما يقتدي بك الحريص على الخير، ويُؤمن عليك قول الناس.

يتبع إن شاءالله في القريب

شرحأحاديثعمدةالأحكام–ح 2 الوضوء شرط لصحة الصلاة

ـ[هيا]ــــــــ[30 - Sep-2007, صباحاً 12:31]ـ

نص الدرس

شرحأحاديثعمدةالأحكام–ح 2 الوضوء شرط لصحة الصلاة

الحديث الثاني:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ. متفق عليه.

في الحديث مسائل:

1 = في رواية للبخاري: قال رجل من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فساء أو ضراط.

2 = " لا يقبل الله صلاة أحدكم "

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015