فإذا جاء الشيطان أو ورد الوارد لتحسين العمل فعلى المسلم أن يتذكّر: أن الناس لا يملكون له نفعا ولا ضرا، وبالتالي فليس هناك دافع للعمل لأجلهم.
وقد نقل ابن القيم - رحمه الله – عن عبد القادر الكيلاني - رحمه الله - أنه قال: كُن مع الحق بلا خلق، ومع الخلق بلا نفس.
ثم قال ابن القيم معلِّقاً: فتأمل ما أجلّ هاتين الكلمتين مع اختصارهما، وما أجمعهما لقواعد السلوك، ولكل خلق جميل.
فإذا قام المسلم يُصلّي – مثلاً – جاءه الشيطان ليُحبط عمله، فيقول: له فُلان ينظر إليك وإلى عملك فأحسن العمل
فلا يلتفت إلى هذا ويبقى على ما كان عليه ولا يترك العمل لأجل ذلك، كما تقدم في كلمة الفضيل بن عياض. [والكلام يطول في تفصيل ذلك]
من أجل ذلك كان السلف يحرصون على إخفاء العمل، وأن يجهد الإنسان أن يُخفي العمل ما استطاع.
من أجل ذلك قال عليه الصلاة والسلام: فضل صلاة الرجل في بيته على صلاته حيث يراه الناس كفضل الفريضة على التطوع. رواه البيهقي، وقال المنذري: إسناده جيّد، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
وقال عليه الصلاة والسلام: فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. متفق عليه من حديث زيد بن ثابت
ورواه أبو داود بلفظ: صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة.
فصلاة الرجل النافلة حيث لا يراه أحد أفضل من صلاته في مسجده صلى الله عليه وسلم.
وأما ما يُذهب الرياء
فأسوق إليك هذا الحديث بطوله وقد تضمّن قصة
روى البخاري في الأدب المفرد عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: انطلقت مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أبا بكر، للشِّرك فيكم أخفى من دبيب النمل.
فقال أبو بكر: وهل الشرك إلا من جعل مع الله إلها آخر؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، للشِّرك أخفى من دبيب النمل، ألا أدلك على شيء إذا قُلته ذهب عنك قليله وكثيره؟
قال: قل: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم.
وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد.
==========
وهذا سؤال آخر من أخت أخرى فاضلة:
جزاك الله خير فضيلة الشيخ السحيم ...
بس عندي بعض الاستفسارات ...
- سمعت مرة من أحد الشيوخ، إن لا يجب النطق بالنية، يكتفي الفعل ... مثلاً: نية الصوم، القيام للسحور ... فهل الأفعال تكفي عن النية اللفظية؟؟ إذا كان لا .. فهل هناك صيغة محددة أو محببة للنية؟؟
و جزاك الله خير أخوي .. و جعله في ميزان حساناتك ..
------------
الجواب:
بارك الله فيك أختي الفاضلة
هذه مسألة مهمة فاتني التنبيه عليها
فأقول:
لا يجوز التّلفّظ بالنية، إذ التّلفّظ من محدثات الأمور
قال ابن عمر لما سَِمع رجلا عند إحرامه يقول: اللهم إني أريد الحج والعمرة. فقال له: أتُعلّم الناس؟ أو ليس الله يعلم ما في نفسك؟
فلا يتلفّظ بالنية حتى عند إرادة الحج والعمرة
فلا يقول عند إرادة عقد الإحرام: اللهم إني أريد الحج والعمرة.
وإنما يُلبّي بالحج والعمرة معاً أو بأحدهما
فيقول كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لبيك عمرة وحجة
أو: لبيك عمرة
وهذا ليس من التلفظ بالنية إنما هو بمنزلة التكبير عند دخول الصلاة.
وكذلك إذا أراد الصلاة فلا يقول – كما يقول بعض الجهلة: - اللهم إني أريد أصلي صلاة الظهر أربع ركعات.
فإن هذا لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم.
وكذا الأمر بالنسبة لسائر العبادات؛ لأن النيّة محلّها القلب.
فيكفي فيها عقد العزم على الفعل.
كما أن نيّة تبييت الصيام من الليل لصوم الفريضة تكفي من أول شهر رمضان إلا أن يقطع النية بسفر أو فطر لمرض وعذر.
ويكفي في النية العزم على الفعل
فإنه إذا عزم على صيام يوم غد ثم صامه أجزأته النية التي عقدها بقلبه.
ويُقال نفس الكلام في نية الصلاة، ولكن لا بد من تعيين النيّة لتلك الصلاة
هل هو يُريد صلاة الظهر أو العصر مثلاً
وكذلك الوضوء، فإذا توضأ المسلم، وهو ينوي رفع الحدث ارتفع حدثه
ولو اغتسل ونوى بالغسل اندراج الوضوء تحته أجزأه
وهكذا.
¥