ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك فدنا من المدينة قال: إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم. قالوا: يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال: وهم بالمدينة حبسهم العذر. رواه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه، ورواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه.
7= فائدة
لا علاقة لورود هذا الحديث بحديث مهاجر أم قيس.
وحديث أم قيس قال عنه الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.
وقال الذهبي - بعد أن ذكر رواية الطبراني -: إسناده صحيح.
وقال ابن حجر - بعد أن ذكر رواية الطبراني -: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، لكن ليس فيه أن حديث الأعمال سِيق بسبب ذلك، ولم أر في شيء من الطرق ما يقتضي التصريح بذلك.
وهناك عدة مباحث في النيّة، كدخول الرياء في العمل وتفصيل ذلك، وكتشريك النيّة، وتغييرها، وكنيّة ترك ما حرّم الله، ونحو ذلك، ولكني أراني أطلت.
=========================
8 = تفصيل مسألة دخول الرياء على النيّة
ينقسم العمل الذي يُخالطه أو يُصاحبه الرياء بالنسبة لقبول العمل من عدمه إلى أقسام:
أن يُصاحبه الرياء من أصل العمل فيحبط العمل بالكليّة.
أن يطرأ عليه الرياء خلال العمل دافعه فإنه لا يضرّه، وإن لم يُدافع الرياء فَلَهُ حالات:
إن كان العمل مما يتجزأ، كالصدقة ونحوها، فما دَخَلَه الرياء فهو حابط، وما لم يدخل الرياء لم يحبط.
وإن كان مما لا يتجزأ كالصلاة ونحوها فإنها تحبط، لعدم مُدافعته للرياء.
والنيّة أصل في صلاح الأعمال
ولذا قال عليه الصلاة والسلام: إنما الأعمال كالوعاء إذا طاب أسفله طاب أعلاه، وإذا فسد أسفله فسد أعلاه. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني في صحيح الجامع.
والمُراد بذلك النيّة.
========
9 = الرياء في العمل يكون وبالاً وعذاباً وحسرةً على صاحبه يوم القيامة، يوم يُشهّر بصاحبه على رؤوس الأشهاد، وعندها تزداد حسرته وندامته.
فمن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: من سمع سمع الله به، ومن راءى راءى الله به. رواه مسلم عن ابن عباس، وروى البخاري مثله عن جندب بن عبد الله.
قال العز بن عبد السلام: الرياء أن يعمل لغير الله، والسمعة أن يخفي عمله لله، ثم يحدث به الناس.
قال الفضيل بن عياض: كانوا يقولون ترك العمل للناس رياء، والعمل لهم شرك. عافانا الله وإياك.
10 = إخلاص العمل لله سبب لسلامة القلب
قال صلى الله عليه وسلم: ثلاث لا يَغِلّ عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة؛ فإن دعوتهم تحيط من ورائهم. رواه أحمد وأهل السنن.
قال ابن عبد البر: معناه لا يكون القلب عليهن ومعهن غليلا أبداً، يعني لا يقوى فيه مرض ولا نفاق إذا أخلص العمل لله، ولزم الجماعة، وناصح أولي الأمر.
وقال ابن رجب: هذه الثلاث الخصال تنفي الغل عن قلب المسلم. انتهى كلامه - رحمه الله -.
فعدمُ الإخلاص يُورث القلبَ الأضغان والأحقاد.
هذه نتف من الفوائد المتعلقة بهذا الحديث النبوي العظيم.
وللحديث بقية عبارة عن أسئلة وردتني.
=======
ثم وردني هذا السؤال من إحدى الأخوات
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
الشيخ الفاضل ..
جزيت خيرا على طرحك لهذا الدرس المميز .. و نسأل الله العلي العظيم ان ينفعنا و إياكم به
و يجعله في ميزان حسناتكم يوم نلقاه ...
شيخي الفاضل .. لقد وفيت في شرحك و بخاصة عن الرياء و كنت على وشك سؤالك عنه
فمن المعروف انه الرياء هو الشرك الأصغر
و هو أخفى من دبيب النمل ...
و أحيانا يكون الأصل في العمل وجه الله و القرب منه
فما تشعر إلا و قد خالط نفسك شئ ... تحاول جاهدا ان تدفعه ...
فأحيانا تجد ان الشيطان يقول لك لا تخاشع لأن الناس يرونك و أحيانا تخاشع لن الله يراك
فتحتار .. و تخاف في عملك
ما الذي تفعله حينها ...
و إذا كان الرياء خفيا لا يستشعر .. كما علمت انه اخفى من النملة على صخرة سوداء في ليلة دهماء
فكيف ادفعه عن نفسي؟؟؟
وهل هناك من دعاء أدعو به .. لأتقي هذا الشر
و جزاك الله عني خيرا
------------
الجواب:
وشكر الله لك هذه الإفادة والإضافة
أما إذا جاء الشيطان ليُدخل الرياء على المسلم، فعلى المسلم مدافعة الرياء ولا يضرّه.
¥