22 - ضوابط في تقوية الخبر بتعدد طرقه:
قال ص 255: ((ثم ذكر – يعني أبا رية – شيئًا من تقسيم العلماء للحديث إلى أن قال ص 267: (تعدد طرق الحديث لا يقويها، قال العلامة السيد رشيد رضا: يقول المحدثون في بعض الأحاديث حتى التي لم يصح لها سند: إن تعدد طرقها يقويها، و هي قاعدة للمحدثين لم يشر إليها الله في كتابه و لا ثبتت في سنته عن رسوله، و إنما هي مسألة نظرية غير مطردة.).
أقول أما إطلاق أبي رية في العنوان فباطلٌ قطعًا كما ترى، و أما إشارة القرآن فيمكن إثباتها باشتراط القرآن العدد في الشهود، و قوله تعالى: (إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ) (يّس: من الآية14)، و من السنة حديث ذي اليدين، و المعقول واضح.
نعم قوله (غير مطردة) حقٌّ لا ريبَ فيه، بل أزيد على ذلك أنَّ بعض الأخبار يزيده تعدّدُ الطرق وهنًا، كأنْ يكون الخبرُ في فضل رجلٍ، و في كلِّ طريقٍ من طرقه كذابٌ أو متهم ممن يتعصبُ له أو مغفل أو مجهول)).
ثم قال المعلمي ص 256: ((بل يبعد جدًا أن تتعدد طرقه – يعني الخبر المقطوع ببطلانه – تعددًا يفيده قوة قوية)).
23 - ليس من شأن يحيى بن معين النظر في الفقه:
قال ص 256: ((و ليس من شأن ابنِ معين النظرُ في الفقه)).
24 - فصل نفيس يتعلق بالاختلاف و الاضطراب و تنبيه على طريقةٍ للبخاريِّ و مسلم في صحيحيهما:
قال ص 262: ((أقول: الاختلاف في المتن على أضرب:
- الأول: ما لا يختلف به المعنى، و هذا ليس باضطراب.
- الثاني: ما يختلف به معنى غير المعنى المقصود، و هذا قريب من سابقه، و منه القضية التي استدل بها أبو رية في عدة مواضع يحسب أنه قد ظفر بقاسمة الظهر للحديث النبوي! و هي الاختلاف و الشك في الصلاة الرباعية التي سها فيها النبي صلى الله عليه وسلم فسلم من ركعتين فنبهه ذو اليدين، فوقع في رواية: (إحدى صلاتي العشي)، و في رواية: (الظهر)، و في أخرى: (العصر)، فالأخريان مختلفان، لكن ذلك لا يوجب اختلافا في المعنى المقصود؛ فإن حكم الصلوات في السهو واحدٌ.
- الثالث: ما يختلف به معنى مقصود، لكن في الحديث معنى آخر مقصود لا يختلف، كقصة المرأة التي زوجها النبيُّ صلى الله عليه وسلم رجلا بأن يعلمها ما معه من القرآن، و قد تقدمت ص 59.
- الرابع: ما يختلف به المعنى المقصود كله، فهذا إن صح السند بالوجهين و أمكن الترجيح فالراجح هو الصحيح، و إلا فالوقف.
و الغالب أن البخاريَّ و مسلمًا ينبهان على الترجيح بطرق يعرفها من مارس الصحيحين، و كذلك كتب السنن يكثر فيها بيان الراجح، لكن قد لا يتبين لأحدهم الرجحان فيرى أن عليه إثبات الوجهين يحفظهما لمن بعده، فربَّ مُبَلَّغٍ أوعى من سامع)).
قلتُ: و انظر لبيان طريقة لمسلم في الترجيح – لزامًا – الفائدة رقم (25) و (37) مما يأتي.
25 - فائدة متعلقة بصحيح الإمام مسلم:
قال ص 263: ((و ذكر – يعني أبا رية – عن السيد رشيد رضا: أن علماء الحديث قلما يعنون بغلط المتون فيما يخص معانيها و أحكامها .... و إنما يظهر معاني غلط المتون للعلماء و الباحثين في شروحها من أصول الدين و فروعها و غير ذلك.
أقول: أما الكتب التي لم تلتزم الصحة و لا الاحتجاج فنعم، و قد يقع يسير من ذلك في صحيح مسلم، فأما صحيح البخاري و ما يصححه الإمام أحمد و نظراؤه فإنهم يعنون بذلك)).
26 - نقد المتون عند أئمة الحديث، و معنى (منكر) و (باطل) و (شبه موضوع) و (موضوع) و مواضع إطلاقها:
قال ص 263 - 264: ((أقول: من تتبع كتب تواريخ رجال الحديث و تراجمهم و كتب العلل وجد كثيرًا من الأحاديث يطلق الأئمة عليها: (حديث منكر. باطل. شبه موضوع. موضوع)، و كثيرًا ما يقولون في الراوي: (يحدث بالمناكير. صاحب مناكير. عنده مناكير. منكر الحديث)، و من أنعم النظر وجد أكثرَ ذلك من جهة المعنى.
و لما كان الأئمة قد راعوا في توثيق الرواة النظر في أحاديثهم و الطعن فيمن جاء بمنكر صار الغالب أن لا يوجد حديث منكر إلا و في سنده مجروح، أو خلل، فلذلك صاروا إذا استنكروا الحديث نظروا في سنده فوجدوا ما يبين وهنه فيذكرونه، و كثيرًا ما يستغنون بذلك عن التصريح بحال المتن، انظر موضوعات ابن الجوزي و تدبر تجده إنما يعمد إلى المتون التي يرى فيها ما ينكره، و لكنه قلما يصرح بذلك، بل يكتفي – غالبا – بالطعن في السند، و كذلك كتب " العلل " و ما يعل من الأحاديث في التراجم تجد غالبَ ذلك مما ينكر متنه، و لكن الأئمة يستغنون عن بيان ذلك بقولهم: (منكر) أو نحوه، أو الكلام في الراوي أو التنبيه على خلل في السند كقولهم: (فلان لم يلق فلانا) (لم يسمع منه) (لم يذكر سماعا) (اضطرب فيه) (لم يتابع عليه) (خالفه غيره) (يروى هذا موقوفا و هو أصح) و نحو ذلك)).
¥