و اشتهارها فيما كان عن النبي صلى الله عليه وسلم اصطلاح متأخر)).

5 - ما رواه الشعبي عن جابر إنما أخذه من صحيفة سليمان بن قيس اليشكري عنه:

قال ص 57: (( ... و الشعبي لم يُذكر في طبقات المدلسين، لكنْ ذكر أبو حاتِم في ترجمة (سليمان بن قيس اليشكري) أن أكثر ما يرويه الشعبي عن جابر إنما أخذه الشعبي من صحيفة سليمان بن قيس اليشكري عن جابر، و هذا تدليس)).

6 - توثيق الحافظ أبي حاتم ابن حبان و الحافظ العِجْلي:

قال ص 68: ((و توثيقُ العِجْليِّ وجدتُه بالاستقراء كتوثيق ابنِ حبانَ أو أوسع)).

و قال ص 108: ((عبيد هذا لم يذكر له راو إلا أبو سنان، و أبو سنان ضعفه الإمام أحمد نفسه و ابنُ معين و غيرهما، و قال أبو زُرْعة: (مخلط، ضعيف الحديث)، و لا ينفعه ذِكْرُ ابنِ حبانَ في " الثقات " لما عرف من تساهل ابنِ حبان، و لا قول العجلي: (لا بأس به) فإن العجليَّ قريبٌ من ابنِ حبانَ أو أشدُّ، عرفتُ ذلك بالاستقراء)).

7 - المُعَلِّمي و الاستقراء:

الفائدة السابقة.

8 - فصلٌ نفيس يتعلق بنقد الأئمة للرواة:

قال ص 79 – 81: ((قال أبو رية: (ثم سار على سبيلهم كلُّ من جاء من الرواة بعدهم، فيتلقى المتأخر عن المتقدم ما يرويه عن الرسول بالمعنى، ثم يؤديه إلى غيره بما استطاع أن يمسكه ذهنُه منه).

أقول: هذه حكاية من يأخذ الكلمات من هنا و هناك و يقيس بذهنه بدون خبرة بالواقع، فإن كثيرًا من الأحاديث الصحيحة – إن لم نقُلْ غالبها – يأتي الحديث منها عن صحابيَّيْنِ فأكثر، و كثيرًا ما يتعدد الرواة عن الصحابي ثم عن التابعي و هلم جرًا.

فأما الصحابة فقد تقدم حالهم.

و أما التابعون فقد يتحفظون الحديث كما يتحفظون القرآن كما جاء عن قتادة أنه كان إذا سمع الحديث أخذه العويل و الزويل حتى يحفظه، هذا مع قوة حفظه، ذكروا أن صحيفة جابر – على كبرها – قُرأتْ عليه مرة واحدة و كان أعمى فحفظها بحروفها، حتى قرأ مرة سورة البقرة فلم يخطيء حرفًا، ثم قال: لأنا لصحيفة جابر أحفظ مني لسورة البقرة.

و كان غالبهم يكتبون ثم يتحفظون ما كتبوه، ثم منهم من يُبقي كتبَه، و منهم من إذا أتقن المكتوب حفظًا محا الكتاب، و هؤلاء و نفر لم يكونوا يكتبون، غالبهم ممن رُزقوا جودة الحفظ و قوة الذاكرة كالشعبي و الزهري و قتادة، و قد عرف منهم جماعة بالتزام رواية الحديث بتمام لفظه كالقاسم بن محمد بن أبي بكر، و محمد بن سيرين و رجاء بن حيوة.

أما أتباع التابعين فلم يكن فيهم راو مكثر إلا كان عنده كتب بمسموعاته يراجعها و يتعاهدها و يتحفظ حديثه منها، ثم منهم من لم يكن يحفظ، و إنما يحدث من كتابه،

و منهم من جرب عليه الأئمةُ أنه يحدث من حفظه فيخطيء، فاشترطوا لصحة روايته أن يكون السماع منه من كتابه، و منهم من عرف الأئمة أنه حافظ، غير أنه قد يقدم كلمة أو يؤخرها و نحو ذلك مما عرفوا أنه لا يغير المعنى، فيوثقونه و يبينون أن السماع منه من كتابه أثبت،

فأما من بعدهم فكان المتثبتون لا يكادون يسمعون من الرجل إلا من أصل كتابه، كان عبد الرزاق الصنعاني ثقة حافظا، و مع ذلك لم يسمع منه أحمد بن حنبل و يحيى بن معين إلا من أصل كتابه.

هذا و كان الأئمة يعتبرون حديثَ كل راو فينظرون كيف حدث به في الأوقات المتفاوتة، فإذا وجدوه يحدث مرة كذا و مرة كذا بخلافٍ لا يحتمل: ضعفوه.

و ربما سمعوا الحديث من الرجل ثم يدعونه مدة طويلة ثم يسألونه عنه، ثم يعتبر حرف مروياته برواية من روى عن شيوخه و عن شيوخ شيوخه، فإذا رأوا في روايته ما يخالف رواية الثقات حكموا عليه بحسبها، و ليسوا يوثقون الرجل لظهور صلاحه في دينه فقط، بل معظم اعتمادهم على حاله في حديثه كما مر. و تجدهم يجرحون الرجل بأنه يخطيء و يغلط و باضطرابه في حديثه، و بمخالفته الثقات و بتفرده، و هلم جرًا، و نظرهم عند تصحيح الحديث أدق من هذا.

نعم إن هناك من المحدثين من يسهل و يخفف، لكن العارف لا يخفى عليه هؤلاء من هؤلاء.)).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015