ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[06 - Sep-2007, مساء 06:04]ـ

يبدو أن أقدم من كتب في أصول الحنفية (عيسى بن أبان) قاضي البصرة المتوفى سنة 221هـ وهو تلميذ (محمد بن الحسن).

وقد نسب له كتب منها (إثبات القياس) و (اجتهاد الرأي) و (خبر الواحد) وغيرها.

ولا أعرف هل وصلنا منها شيء أو لا.

ويظهر لي - والله أعلم - أنه هو مخترع أصول الحنفية، ولم يأخذها عمن سبقه، وإنما اجتهد في التأصيل للمذهب ليستوي له القول الذي ينتحله، ولذلك نسب للمذهب كثيرا من الأصول التي يبرأ منها أبو حنيفة وصاحباه، كتقديم القياس على النص، وتقديم عموم القرآن على خصوص السنة، وتقديم الحقيقة المرجوحة على المجاز الراجح وغير ذلك.

وقد نص على ما معنى ما قلتُ ابن القيم في الأعلام، وأشار إليه كذلك شيخ الإسلام ابن تيمية.

* وزعم بعض الحنفية أنَّ أول مَن ألَّف في هذا العلم هو الإمام أبو حنيفة؛ حيث بيَّن طرق الاستنباط في كتاب «الرأي»، وتلاه صاحباه، ثم (!) محمد بن إدريس الشافعي ..

ينظر: مقدمة محقق أصول السرخسي، أبو الوفا الأفغاني، و: د. الخن، دراسات تاريخية للفقه وأصوله، ص161 - ... إلخ

* وبالنسبة لعيسى بن أبان - للفائدة -، ينظر: الفهرست، لابن النديم، ص289، وتاريخ التراث العربي، لسزكين، 3/ 81.

* وأنا في نفسي شيء من قول شيخنا: (ويظهر لي - والله أعلم - أنه هو مخترع أصول الحنفية،).اهـ

فمثلا كون الشافعي رضي الله أول مَن دوَّن الأصول

أنَّ أبا حنيفة لم يبن فقهه على أصول؟!

بالقطع، بنى فقهه على أصول وقواعد، ثم هذه الأصول والقواعد استقرأها تلامذته .. وخرَّجوا عليها .. وهكذا

وينظر: أسباب اختلاف الفقهاء، د: سالم الثقفي، ص120 - 126.

ويقول الدكتور الخن ص161: (مع اعتقادنا بأن معرفة قواعد أصول الفقه ليست وقفا على صاحب مذهب من المذاهب، كأبي حنيفة أو مالك أو الشافعي أو أحمد أو غير هؤلاء، فلقد كان لكل صاحب مذهب قواعده التي بنى عليها فقهه عليها ... ). إلخ

وهذه المسائل تحتاج إلى بحث موسع ... ووقت وأكتفي بهذا

ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[06 - Sep-2007, مساء 06:05]ـ

أخي الحبيب الباحث كلامك عملي جيد

ويبقى للمكتبة الورقية دور كبير

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[07 - Sep-2007, صباحاً 12:31]ـ

أخي أشرف

أنا بينتُ في كلامي أن الأصول التي وضعها عيسى بن أبان تخالف طريقة أبي حنيفة، فلا يمكن أن يفهم من كلامي أن أبا حنيفة بنى كلامه على غير شيء!

وإنما المقصود أن الأصول التي وضعها عيسى بن أبان ليست موافقة لكلام أبي حنيفة.

وكذلك لم يفهم أحد من كلام أهل العلم عن أول من صنف في الأصول أن الصحابة بنوا اجتهاداتهم على غير شيء!

ـ[آل عامر]ــــــــ[07 - Sep-2007, صباحاً 01:07]ـ

بسم الله

ما شاء الله ...

و الذي نفسي بيده كم سررت بردود المشايخ ونقاشهم مع بعضهم

وحق للصغار من أمثالي أن يتعلموا من أدبكم وجميل أخلاقكم

سلك الله بكم طريق الخير وسد عنكم باب كل شيطان وجمعني بكم ووالدين في جنة الخلد

ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[07 - Sep-2007, مساء 10:07]ـ

بسم الله

أخي الحبيب

لا ريب أن التدوين كاشف وليس منشئا .. هذا معلوم

أما الاختراع فهو من قبيل الانشاء

وعيسى بن أبان ليس مخترعا لـ: (أصول الحنفية) كما تفضلت، وقد أخطأتم عليه في أمور، وسبب الخطأ إما في الإطلاق، وإما في كونه غير مسبوق (مخترع)، وإلى البيان:

• (تقديم القياس على النص):

أنظر الجصاص، 3/ 127 - 138، مهم، وأصول السرخسي، 1/ 328، والفكر السامي، 2/ 135 - 136.

وفي كشف الأسرار: (قال عيسى بن أبان: إن كان الراوي عدلا ضابطا عالما، وجب تقديم خبره على القياس، وإلا كان موضع الاجتهاد).اهـ

قال الحجوي: ( ... القياس عند أبي حنيفة مقدَّم على الخبر الصحيح المعارض له من كل وجه، الذي فيه قادح من القوادح السابقة عنده، وقد فعل ذلك في حديث المصراة، والشاهد واليمين، وغيرهما).اهـ من «الفكر السامي»، وعنه «أسباب اختلاف الفقهاء» للثقفي، ص124 - 125.

• (تقديم عموم القرآن على خصوص السنة):

أنظر الجصاص، 1/ 155 - 159و167 - 168، و3/ 48.

وفيه: (قال عيسى في «الحجج الكبير»: كل أمر منصوص في القرآن، فجاء خبر يرده، أو يجعله خاصا وهو عام بعد أن يكون ظاهر المعنى لا يحتمل تفسير المعاني، فإن ذلك الخبر إنْ لم يكن ظاهرا قد عرفه الناس وعلموا به حتى لا يشذ منهم إلا الشاذ، فهو متروك.

قال أبو بكر (الجصاص): ولم يذكر في هذا الموضع أنه مما ثبت خصوصه أو لم يثبت، قال أبو بكر: فنص عيسى بن أبان على أن ظاهر القرآن الذي لم يثبت خصوصه بالاتفاق لا يخص بخبر الواحد، وهذا الذي ذكرناه هو مذهب الصدر الأول عندنا).اهـ

وقال الجصاص: (قال عيسى في كتابه في «الرد على المريسي» لا يخلو الحديث من ثلاثة أوجه: يُضَل تاركه. و: يَأثم. و: يُشهَد عليه بالبدعة والخطأ.

وذلك مثل الرجم يرده قوم بقوله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} قالوا: لأنه لم يتواتر به الخبر كما تواتر بالصلاة والصيام، ولا يكفرون لأنهم لم يردوا على الله ولا على رسوله، وإنما خالفوا الناقلين، فأخطئوا في التأويل، وعارضوا بظاهر الكتاب ... ).اهـ إلخ

• (تقديم الحقيقة المرجوحة على المجاز الراجح).

أرجو أن توقِفني أولا على نص كلام ابن أبان بتمامه لأنظر فيه، ثم إن ثبت هذا عنه، فإنَّ له وجها يمكن قبوله عند أبي حنيفة، مفاده: أن تُحمل كلمة (المرجوحة) على (غير المتعذرة ولا المهجورة)، وكلمة (الراجح) على (المتعارَف المشهور)، فالمعنى: تقديم الحقيقة غير المتعذرة ولا المهجورة على المجاز المتعارَف المشهور. أنظر: أصول الفقه، د. الزحيلي، ص304.

والله أعلم.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015