يعني كالحسن لغيره، وعمل الشيخ ناصر الألباني –ناصر الدين الألباني -رحمه الله- أحياناً يؤيد هذا القول، لكن المعتمد عند جماهير العلماء أن شديد الضعف لا ينجبر حديثه، وأن وجود روايته مثل عدمها.
(الترمذي أصل في معرفة الحديث الحسن)
قال: وكتاب الترمذي أصل في معرفة الحديث الحسن، وهو الذي نوه بذكره، ويوجد في كلام غيره من مشايخه، كأحمد والبخاري، وكذا من بعده كالدارقطني.
نعم الترمذي هو الذي شهر الحديث الحسن، هو الذي شهره في كتابه، في جامعه، لا يكاد حديث من الحكم عليه بالحسن أو بالصحة مع الحسن غالباً، قد يفرد الصحة، المقصود أن غالب الأحاديث محكوم عليها بالحسن إما مفرداً أو مضموماً إلى الصحة، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يقول: "أول من عُرف أنه قسم هذه القسمة أبو عيسى الترمذي، ولم تعرف هذه القسمة عند أحدٍ قبله"، يعني ذكر الحديث وتقسيمه إلى صحيح وحسن وضعيف، يقول: "وأما من قبل الترمذي من أهل العلم فيقسمونه إلى صحيح وضعيف، والضعيف عندهم نوعان: ضعيف ضعفاً لا يمتنع العمل به، وهو يشبه الحسن في اصطلاح الترمذي، وضعيف ضعف يوجب تركه وهو الواهي" الخلاف لفظي، هو قال: أن الحسن ما يعرف؟ وهو معروف من قبل الترمذي كأحمد والبخاري وعلي بن المديني ويعقوب بن شيبة، وجمع من أهل العلم حتى الشافعي أشار إليه، الاسم موجود، التسمية موجودة، لكن هل الحقيقة الحقيقة؟ ما دام اللفظ موجود ومطلق والخلاف ....... لأن شيخ الإسلام -رحمه الله- يرى أن الضعيف قسمين، ضعف لا يمتنع العمل به، لماذا لا نسميه حسن؟ وهو يشبه، شيخ الإسلام له مقصد، وله هدف، وإن كان هذا سابق لأوانه لكن لا بد من بيانه، شيخ الإسلام يريد أن يدافع عن الإمام أحمد، وأن الإمام أحمد -رحمه الله- أحتج بالضعيف في الفضائل، يقول: إن مراد الإمام أحمد من قوله الاحتجاج بالضعيف في الفضائل لا يريد به الضعيف الذي لا يقبل، الذي نزل عن درجة الاحتجاج، إنما يريد به النوع الأول من الضعيف الذي ذكره الشيخ، وهو الضعف الذي لا يمتنع العمل به، وهو الحسن في الاصطلاح، لكن كلام الشيخ -رحمه الله- متعقب، أولاً: إطلاق الحسن موجود من قبل الترمذي من طبقة شيوخه وشيوخهم، الأمر الثاني: أنه يلزم منه أن الإمام أحمد لا يحتج بالحديث الحسن في الأحكام؛ لأنه لا يحتج بالضعيف في الأحكام، يحتج بالضعيف في الفضائل، والضعيف عند شيخ الإسلام -رحمه الله- الذي اصطلح عليه فيما بعد بأنه هو الحسن، إذاً الإمام أحمد لا يحتج بالضعيف في الأحكام، وهذا خلاف المعروف في مذهب الإمام أحمد، على كل حال يأتي في الحديث الضعيف كلام طويل حول هذه المسألة، لكن هذه إشارة.
(أبو داود من مظان الحديث الحسن)
قال: ومن مظانه سنن أبي داود، روينا عنه أنه قال: ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه، وما كان فيه وهن شديد بيَّنته، وما لم أذكر شيئاً فهو صالح، وبعضها أصح من بعض، قال: وروي عنه أنه يذكر في كل باب أصحَّ ما عرف فيه.
قلت: ويروى عنه أنه قال: وما سكتُّ عنه هو حسن.
قال ابن الصلاح: فما وجدناه في كتابه مذكوراً مطلقاً وليس في واحد من الصحيحين، ولا نصَّ على صحته أحد، فهو حسن عند أبي داود.
قلت: الروايات عن أبي داود بكتابه (السنن) كثيرة جداً، ويوجد في بعضها من الكلام بل والأحاديث ما ليس في الأخرى، ولأبي عبيد الآجري عنه أسئلة في الجرح والتعديل، والتصحيح والتعليل كتاب مفيد، ومن ذلك أحاديثُ ورجال قد ذكرها في سننه، فقوله: وما سكت عنه فهو حسن: ما سكت عليه في سننه فقط؟ أو مطلقاً؟ هذا مما ينبغي التنبيه عليه والتيقظ له.
من مظان الحديث الحسن، لما ذكر الحديث الحسن والحد والتعريف والحكم ذكر من مظانه وذكر جامع الترمذي وسنن أبي داود؛ لأن أبا داود قال في رسالته إلى أهل مكة: "ذكرت فيه الصحيح، وما يشبهه ويقاربه" فالذي يشبه الصحيح ويقاربه هو الحسن، قال: "وما كان فيه وهن شديد بيّنته، وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح، وبعضها أصح من بعض، قال: وروي عنه أنه يذكر في كل باب أصح ما عرف فيه" ابن كثير -رحمه الله- يذكر أنه وقف على رواية من رسالته إلى أهل مكة أنه: "وما سكت عنه فهو حسن" وهذا يوافق اختيار ابن الصلاح، ابن الصلاح الذي يجعله يتوسط في الأحاديث التي لا يذكر فيها كلاماً لا يتعقبها، بل يسكت عنها ولا يوجد نص على صحة الخبر، والحديث غير مخرج
¥