إلا أنه لم ينفرد به يحيى بن أبي بكير عن حماد بالوجه الأول، فقد تابعه -كما سبق- أبو سلمة التبوذكي وعبيد الله بن عائشة.
ولم يُعرف الذي خالفهم فأبدل أبا مدينة الدارمي بعقبة بن عبد الغافر، ولم يوقَف على هذه الرواية التي أشار إليها البيهقي، فالمعتمد رواية الثلاثة الثقات.
وأما أبو مدينة الدارمي، فقد قال الطبراني في سياق إسناده: " وكانت له صحبة "، وأخرج حديثه فيمن اسمه عبد الله في معجمه الكبير -كما ذكر ابن حجر في تعجيل المنفعة (ص219) -، والمصادر تختلف في اسمه، بين: عبد الله بن حصن، وعبد الله بن حصين، وعبد الله بن محصن، وانظر: تعليق العلامة المعلمي على الجرح والتعديل (5/ 39).
وشابهه تابعي في الاسم والكنية، قال ابن حجر -في الإصابة (4/ 57) -: " وفي التابعين أبو مدينة عبد الله بن حصن السدوسي، يروي عن أبي موسى الأشعري، حديثه في مسند الشافعي، ذكره البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان ".
والذي يظهر أن الرجلين واحد، هو التابعي؛ لأمرين:
- أن رواية الدارمي لهذا الحديث عن الصحابة، والأغلب أن الرواة عن الصحابة تابعون،
- أن احتمال اختلاف النسبة واتحاد الرجل وارد، فقد قال السمعاني -في الأنساب (2/ 440) -: " الدارمي ... ، هذه النسبة إلى بني دارم، وهو دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم "، وقال (3/ 235): " السدوسي ... ، هذه النسبة إلى جماعة قبائل ... قال ابن حبيب: (في تميم سدوس بن دارم بن مالك بن حنظلة) "، فيمكن اعتبار النسبة إلى سدوس في تميم نسبةً إلى دارم، لأن دارمًا أبو سدوس.
إلا أن خليفة عدَّ -في الطبقات (ص209) - أبا مدينة من بني سدوس بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، وهو آخر غير جد التميميين. ويدخل على اختلاف النسبة هذا -إن صح- احتمالُ أن يكون مَنْ دون أبي مدينة السدوسي نسبَهُ دارميًّا، ظنًّا أنه من بني سدوس بن دارم التميمي، وإنما هو من بني سدوس بن ذهل. والله أعلم.
ولورود احتمال كون الرجلين واحدًا؛ أشار ابن حجر إلى شكه في اعتبار الطبراني أبا مدينة الدارمي من الصحابة، قال -في الإصابة (4/ 57) -: " فإن كان الطبراني ضبط أن اسم الصحابي عبد الله بن حصن ولم يلتبس عليه بهذا التابعي ... "، وقال -في تعجيل المنفعة (ص219) -: " فان كان ضبط نسبه فهما اثنان ... ".
وجزم الذهبي بخطأ ذلك، قال -في تاريخ الإسلام (6/ 539) -: " قيل: (له صحبة)، ولم يصح "، ثم ذكر مشايخ التابعي السدوسي، ومن روى عنه، ثم ذكر هذا الحديث مسندًا، فاعتبرهما واحدًا.
وقال ابن الأثير -في أسد الغابة (3/ 216) - بعد أن أسند الحديث عن أبي موسى المديني: " أخرجه أبو موسى، وقال: (أورد ابن منده وغيره أبا مدينة في الكنى من التابعين، وقال: يروي عن عبد الرحمن بن عوف) ".
وفي كون الكنية من الآحاد، ولا يُذكر الرجل في الصحابة في الكتب المعنية بالكنى= ما يشير إلى أن أبا مدينة واحد، هو التابعي.
إذا تقرر ذلك، فلم أجد في أبي مدينة جرحًا ولا تعديلاً، وذكره -كما ذكر ابن حجر- البخاري في التاريخ (5/ 71)، وابن أبي حاتم في الجرح (5/ 39)، وابن حبان في الثقات (5/ 21).
والله أعلم.
وينظر:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=128250
ـ[رودريقو البرازيلي]ــــــــ[10 - Mar-2008, صباحاً 09:01]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طيب
المهم
نعمل به او لا نعمل؟
تصوروا ان عاميا سمع الحديث و يعمل به
ماذا نقول له؟ بدون استطراد المسائل
تصور انت الان في مقام مفتي ماذا تجوب؟
ـ[سعودالعامري]ــــــــ[11 - Mar-2008, مساء 01:38]ـ
فائدة
قال البيهقي في الشعب: أخبرنا أبو طاهر الفقيه، قال: أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، قال: نا إبراهيم بن الحارث البغدادي، قال: نا يحيى بن أبي بكير، قال: نا حماد بن سلمة، قال: أنا ثابت البناني، عن الدارمي، قال: «كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقيا، وأرادا أن يتفرقا، قرأ أحدهم سورة: والعصر إن الإنسان لفي خسر، ثم سلم أحدهما على الآخر أو على صاحبه ثم تفرقا» ورواه غيره عن حماد، عن ثابت، عن عقبة بن عبد الغافر، قال: كان الرجلان.
قلت: عقبة بن عبدالغافر وثقه العجلي والنسائي فهذا متابع للدارمي واما من قال من الاخوة انه ليس للدارمي صحبة فهذا لا يضر فهو لا يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم بل عن الصحابة فليُنتبه لهذا.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[11 - Mar-2008, مساء 02:13]ـ
قلت: عقبة بن عبدالغافر وثقه العجلي والنسائي فهذا متابع للدارمي
هذا خطأ -وفقك الله-، فرواية عقبة إنما هي خلافٌ على حماد بن سلمة، وقد بيَّنتُ أنه لا يُعرف راوي هذا الوجه عنه، وأن ثلاثة من الثقات الحفاظ يروونه على الوجه الثاني (بذكر أبي مدينة، لا عقبة)، وهذا يبيِّن أنَّ مَنْ ذَكَرَ عقبةَ بن عبد الغافر في الإسناد أخطأ ووهِم، والأخطاء والأوهام لا تفيد في إثبات متابعة ولا غيرها.
واما من قال من الاخوة انه ليس للدارمي صحبة فهذا لا يضر فهو لا يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم بل عن الصحابة فليُنتبه لهذا.
لم يُذكر هنا أنَّ وجهَ ضررِ كونِهِ تابعيًّا غيرَ صحابي= أنه يرويه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل وجهه: أن الرجل مجهول لا يُعرف حاله، فتنبّه.
وانفراد مثل هذا الرجل بهذا العمل الذي لم يأتِ به غيره، مع أن حال مجالس النبي -صلى الله عليه وسلم- ومجالس أصحابه مشهورة مذكورة= محل نظر، ولو كانوا يقرؤون ما ذُكر فيها لما انفرد بروايته هذا المجهول.
والله أعلم.
¥