ـ[عبدالحي]ــــــــ[29 - صلى الله عليه وسلمpr-2009, مساء 11:29]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تتمة تفسير سورة القلم
(إن للمتّقين عند ربّهم جنّات النّعيم) لما ذكر تعالى حال أهل الجنة الدنيوية , و ما أصابهم فيها من النقمة حين عصوا الله عز و جل , و خالفوا أمره , بين أن لمن اتقاه و أطاعه في الدار الآخرة جنات النعيم التي لا تبيد و لا تفرغ و لا ينقضي نعيمها.
ثم إن الآيات نزلت ردا على المشركين الذين ادعوا متبجحين أنهم إذا بعثوا يوم القيامة يعطون أفضل مما يعطى المؤمنون قياسا منهم على حالهم في الدنيا حين كانوا أغنياء و المؤمنون فقراء. فبين الله تعالى أنهم في هذا مخطئين و أن الجنة و النعيم للمتقين الطائعين , ثم قال سبحانه منكرا على المشركين دعواهم مقرعا مؤنبا إياهم في سبعة إستفهامات إنكارية تقريعية أولها قوله تعالى:
(أفنجعل المسلمين كالمجرمين) أي: أفنساوي بين هؤلاء و هؤلاء في الجزاء؟ كلا و رب الأرض و السماء. فإن حكمته تعالى لا تقتضي أن يجعل المسلمين القانتين لربهم , المنقادين لأوامره , المتبعين لمراضيه كالمجرمين الذين أجرموا على أنفسهم بارتكاب أكبر الكبائر كالشرك و سائر الموبقات , بل إن للمسلمين المؤمنين جنات النعيم , و للكافرين المشركين سواء الجحيم.
(مالكم كيف تحكمون) أي: أي شيء حصل لكم حتى ادعيتم هذه الدعوى؟. و أن من كان ظنه هكذا فإنه قد أساء الحكم , و أن حكمه حكم باطل , و رأيه رأي فاسد.
(أم لكم كتاب فيه تدرسون) أي: أعندكم كتاب جاءكم به رسول من عند الله تقرؤون فيه هذا الحكم الذي حكمتم به لأنفسكم بأنكم تعطون يوم القيامة أفضل مما يعطى المؤمنون؟
(إنّ لكم فيه لما تخيّرون) أي: من الأمور لأنفسكم , و تشتهونه لكم , كقوله تعالى " أم ءاتيناهم كتابا فهم على بيّنات منه " و هذا توبيخ لهم و تقريع فيما كانوا يقولون من الباطل , و يتمنون من الأمانيّ الكاذبة.
(أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إنّ لكم لما تحكمون) أي: ألكم عهود موثقة بأيمان لا نتحلل منها إلى يوم القيامة بأن لكم ما حكمتم به لأنفسكم من أنكم تعطون أفضل مما يعطى المؤمنون.
(سلهم أيّهم بذلك زعيم) أي: سلهم يا رسولنا عن زعيمهم الذي يكفل لهم مضمون الحكم الذي يحكمون به لأنفسهم من أنهم يعطون في الآخرة أفضل مما يعطى المؤمنون. و الإستفهام هنا مستعمل للتهكم.
(أم لهم شركاء , فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين) أي: ألهم شركاء موافقون لهم في هذا الذي قالوه يكفلونه لهم؟ فإن كان لهم ذلك فليأتوا بهم إن كانوا صادقين.
إذا بهذه الإستفهامات الإنكارية التقريعية السبعة نفى الله تعالى عنهم كل ما يمكنهم أن يتشبثوا به في تصحي دعواهم الباطلة عقلا و شرعا.
يتبع ...
ـ[عبدالحي]ــــــــ[16 - May-2009, مساء 08:22]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تتمة تفسير سورة القلم
(يوم يكشف عن ساق و يُدعون إلى السّجود فلا يستطيعون) أي: إذا كان يوم القيامة , و انكشف فيه من الأهوال و الزلازل و البلاء و الإمتحان و الأمور العظام , و أتى الله تعالى لفصل القضاء بين عباده و مجازاتهم , فكشف عن ساقه الكريمة التي لا يشبهها شيء , و رأى الخلائق من جلال الله و عظمته ما لا يمكن التعبير عنه , فحينئذ يدعون إلى السجود لله , فيسجد المؤمنون الذين كانوا يسجدون لله طوعا و اختيارا – في الدنيا - , و يذهب الفجار و المنافقون ليسجدوا , فلا يقدرون على السجود , إذ يكون ظهر أحدهم عظما واحدا لا يستطيعون الإنحناء , كلما أراد أحدهم أن يسجد خرَّ لقفاه , عكس السجود , كما كانوا في الدنيا , بخلاف ما عليه المؤمنون.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " يكشف ربّنا عن ساقه , فيسجد له كلّ مؤمن و مؤمنة , فيبقى كلّ من كان يسجد في الدّنيا رياء و سمعة , فيذهب ليسجد , فيعود ظهره طبقا واحدا ". رواه البخاري.
(خاشعة أبصارهم) لا تطرف من شدة الخوف.
(ترهقهم ذلة) في الدار الآخرة تغشاهم ذلة عظيمة بسبب إجرامهم و تكبرهم في الدنيا , فعوقبوا بنقيض ما كانوا عليه.
¥