ـ[عبدالحي]ــــــــ[12 - Mar-2009, مساء 09:13]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تتمة تفسير سورة القلم
(فستبصر و يبصرون , بأيكم المفتون) أي: فستعلم يا محمد , و سيعلم مخالفوك و مكذبوك يوم القيامة – حين يتميز الحق من الباطل – من الضال المفتون , هل أنت – و حاشاك – أم هم؟. و بما أنه قد تبيّن لنا أنه صلى الله عليه و سلم أهدى الناس , و أكملهم لنفسه و لغيره , فإن أعداءه و مخالفوه سيكونون أضل النّاس , و شر النّاس للنّاس , و أنهم هم الذين فتنوا عباد الله , و أضلوهم عن سبيله. و هذه الآية كقوله تعالى: " سيعلمون غذا من الكذّاب الأشر " , و كقوله: " و إنّا أو إيّاكم لعلى هدى أو في ضلال مّبين ".
(إنّ ربّك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله و هو أعلم بالمهتدين) أي: هو يعلم تعالى أي الفريقين منكم و منهم هو المهتدي , و يعلم الحزب الضال عن الحق.
و في هذا الخبر تعزية لرسول الله صلى الله عليه و سلم و تسلية له ليصبر على دعوة الله , و فيه تهديد و وعيد للمشركين المكذبين , فكون الله تعالى أعلم من كُل أحد بمن ضل عن سبيله و هو أعلم بالمهتدين , معناه أنه سيعذب حسب سنّته الضال و سيرحم المهتدي.
(فلا تطع المكذبين) أي: بناءً على أنك أيها الرسول مهتد و قومك ضالون فلا تطع هؤلاء الضالين المكذبين بالله و لقائه و بك و بما جئت به من الدين الحق , فإنهم ليسوا أهلا لأن يطاعوا , لأنهم لا يأمرون إلا بما يوافق أهواءهم , و هم لا يريدون إلا الباطل , فالمطيع لهم مُقْدِم على ما يضره , و هذا عام في كل مكذب , و في كل طاعة ناشئة عن التكذيب , و إن كان السياق في شيء خاص , و هو أن المشركين طلبوا من النبي صلى الله عليه و سلم أن يسكت عن عيب آلهتهم و دينهم , و يسكتوا عنه.
(ودوا لو تدهن فيدهنون) و مما يؤكد لك عدم مشروعية طاعتهم فيما يطالبون و يقترحونه عليك أنهم تمنوا و أحبوا لو تلين لهم و توافقهم على بعض ما هم عليه , إما بالقول أو بالفعل أو بالسكوت عن آلهتهم , و بالمقابل يلينون لك و يكفوا عن أذيتك بترك السبّ و الشتم.
يتبع ..
ـ[عبدالحي]ــــــــ[25 - Mar-2009, مساء 02:26]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تتمة تفسير سورة القلم
(و لا تطع كلّ حلاّف مهين) بعدما نهاه عن إطاعة الكافرين عامة نهاه عن طاعة كل من كان كثير الحلف – فإنه لا يكون كذلك إلا و هو كذاب , و ذلك أن الكاذب لضعفه و مهانته إنما يتقى بأيمانه الكاذبة التي يجترئ بها على أسماء الله تعالى , و استعمالها في كل وقت في غير محلها – بالباطل حقير خسيس النفس.
قال الزمخشري: و كفى به مزجرة لمن اعتاد الحلف , و مثله قوله تعالى: " و لا تجعلوا الله عُرْضة لأيمانكم ".
(همّاز) أي: يطعن في أعراض الناس بما يكرهون , بالغيبة و الإستهزاء , و غير ذلك.
(مشّاء بنميم) و هو الذي يمشي بين الناس بالنميمة , و هي: نقل كلام بعض الناس لبعض , لقصد الإفساد بينهم , و إلقاء العداوة و البغضاء. و قد ثبت في الصحيحين عن ابن عباس قال: مر رسول الله صلى الله عليه و سلم بقبرين فقال: " إنهما ليعذبان و ما يعذبان في كبير , أما أحدهما فكان لا يستتر من البول , و أما الآخر فكان يمشي بالنميمة ... ". و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " لا يدخل الجنّة قتَّات " أي نمَّام. رواه البخاري و مسلم.
(منّاع للخير) أي: يبخل بالمال أشدّ البخل.
(معتد) أي: ظالم للناس , معتدٍ على أموالهم و أنفسهم.
(أثيم) أي: كثير الإثم و الذنوب المتعلقة في حق الله تعالى.
(عُتلّ بعد ذلك) أي: غليظ الطبع , شرس الخلق قاس غير منقاد للحق. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " ألا أخبركم بأهل النّار؟ كلّ عُتُلٍّ جوّاظ مستكبر " رواه البخاري.
(زنيم) روى البخاري عن ابن عباس " عتلّ بعد ذلك زنيم " قال: رجل من قريش له زنمة , مثل زنمة الشاة. و معنى هذا: أنه كان مشهورا بالسوء , الذي يعرف به من بين الناس , كشهرة الشاة ذات الزنمة من بين إخواتها. و الزنيم في لغة العرب: هو الدعيُّ في القوم , الملصق فيهم بالنسب , و هو ليس منهم.
¥