ومنها أنه تعاقب على تأليف على تأليف هذا المختصر والنظر فيه جماعة من علماء الحنابلة أولهم ممليه الشيخ أبوبكر خوقير، ثم محرره محمد بن حمد ابن راشد مرورا بمن عرضه عليهم من علماء الحنابلة. ومما تميز به سهولة عبارة المختصر وسلاستها، ويظهر ذلك ببعده عن الضمائر التي تصرف الوقت لتأمل عودها، وحرصه على التقسيم، والتنويع، وحذف لغالب الصور التي وردت في أصل المتن اكتفاء بتنقيح المناط ليتسنى للقارئ تحقيقه.
ومنها سلامة مختصره مما وقع فيه كثير من مؤلفي الكتب الفقهية في الأزمنة المتأخرة من الخطأ في بعض مسائل التوحيد ..
والمختصر طبع باسم: "مختصر في فقه الإمام المبجل والحبر المفضل أحمد بن محمد بن حنبل" من إصدار مكتبة الرشد.
هذا وقد جمع الشيخ مرعي بين الإقناع والمنتهى في غاية المنتهى وهو المرجع عند اختلافهما كما في وصية العلامة السفاريني في وصيته لبعض تلاميذه. وقد أنشدني بعض مشايخنا وهو العلامة شيخ الحنابلة عبد الله بن عقيل حفظه الله:
والمنتهى إن وافق الإقناعا ... فذلك الحق فلا نزاعا
وإن يكن خلف فما في المنتهى ... معتمد الأصحاب من أهل النهى
وقيل ما رجحه في الغاية ... مرعي الفقيه صاحب الدراية
حكى ابن بدران لذا في المدخل ... فافهم وحقق واستفد واستفصل
فائدة: في كتاب المسائل التي اختلف فيها الإقناع، والمنتهى للدكتور عبد العزيز الحجيلان الأستاذ المشارك بقسم الفقه بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة الإمام فرع القصيم: جاء تحت عنوان: الخاتمة في آخر البحث ص 257:
1 - أن هناك مسائل كثيرة اختلف فيها صاحبا الإقناع، والمنتهى، وتبين أن المذهب فيها قول صاحب الإقناع .. [ثم مثل لذلك] وهذا يبين أن القول بأنه عند اختلافها يرجع إلى ما في المنتهى لأنه أكثر تحريرا، وتصحيحا كما نقلت في التمهيد ليس على اطلاقه وعمومه، وإن كان أكثر المسائل المذهب فيها ما ذكر صاحب المنتهى.
2 - أنه قد يختلف قول الحجاوي في الإقناع في المسألة الواحدة فيقول فيها بقول في موضع ثم يقول فيها بقول آخر في موقع آخر [ثم مثل لذلك]، ولم أطلع على شيء من ذلك في المنتهى فهذا يدل على أنه ـ المنتهى ـ أكثر دقة، وتحريرا. وقد جاء في مقدمة المصطلحات الفقهية الحنبلية: إذا ذكر صاحب الإقناع والمنتهى، وغيرهما مسألة في غير بابها فالمعتبر إذا ذكرت في بابها.
3 - أن من أسباب اختلافهما _ أي صاحبي الإقناع والمنتهى _ في كثير من المسائل قوة القولين جميعا، وعدم تعين المذهب منهما [ثم مثل لذلك]، ومنها الاختلاف في المعتمد في المذهب.
4 - وضوح عبارة الإقناع حيث لم احتج إلا في القليل جدا للرجوع إلى الشروح والحواشي لبيان معاني عباراته، بخلاف المنتهى كما هو واضح من خلال البحث.انتهى كلامه حفظه الله.
تتمة: كتاب الدكتور الحجيلان جيد في بابه لكنه لم يستوعب المسائل فقد فاته بعضها بتتبعي فجزاه الله خيرا ووفقه.
- وتأتي أهمية هذا المتن الجليل من كونه جمع بين كتابين من أهم كتب الحنابلة لعالمين محققين في المذهب أولهما المقنع للموفق ابن قدامة المتوفى سنة620 وثانيهما التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع للمنقح العلامة علاء الدين المرداوي الحنبلي المتوفى سنة 885 وهذان الكتابان عليهما المعول في المذهب فالمقنع أشهر من أن يشهر وعليه تدور جملة من المختصرات والشروح والتعليقات والحواشي وهو أشهر المتون بعد مختصر الخرقي وعليه تعويل من اتى بعده فهو من أعظم الكتب نفعا وأكثرها جمعا كما قال المرداوي في الإنصاف.
وقد حظي بشروح لعدد من الأئمة والمحققين كالشارح والمرداوي وبرهان الدين إبراهيم بن مفلح وغيرهم كثير.
وأما التنقيح فهو على اسمه تنقيح للمذهب بمعنى الكلمة وهو مختصر من الإنصاف ومنزلته من المقنع منزلة الروح من البدن فلا يستغني المقنع عنه فهو مصحح لما أطلق فيه ومبين لما أخل به من الشروط ومفسر لمبهم أحكامه وألفاظه ومستثن لعموماته ومقيد لمطلقاته بل وزاد عليه مسائل محررة مصححة وكمل على بعض فروعه ما هو مرتبط بها فصار تصحيحا لغالب كتب المذهب, وبالجملة فلم يسبق مؤلفه إلى نظيره كما قال العلامة البهوتي في كشاف القناع. فإذا علم المرء فضل هذين الكتابين في المذهب فما الظن بما جمعهما وزاد عليهما فوائد شوارد؟ ولهذا قال ابن النجار في مقدمته "فاستخرت الله
¥