ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[21 - صلى الله عليه وسلمug-2007, مساء 03:41]ـ
جزاكم الله خيرا، أنت لم تفسد شيئاً.
الحوار ليس هدفاً لذاته، ممكن، و مازال الأصوليون يقولون "علة العلة"، فهناك علة في ذاتها ولكنها ربما كانت أيضاً علة لعلة بعدها وهكذا، وهناك ما هو غاية لغاية: فالغاية تحسين مستوى الخطاب لغاية بعدها: الوصول للحقيقة. وقد تحدث الشاطبي وغيره عما هو غاية ووسيلة في آن معاً، ولا أطيل في هذه الجزيئة البسيطة.
هناك فرق بين ما يناسب المخاطب وما يعجبه ويحبه، ولا مانع أصلاً من التركيز على ما يحبه المخاطب لأجل مصلحة راجحة وشواهد هذا في السيرة وكلام السلف كثيرة، فإذا تحققت المصلحة بذلك فقد دخل كل هذا في عموم ما يناسبه و لا إشكال. وقد تحدثت إليك عن خطورة الانطلاق الدائم من القواعد العامة والأصول الكلية في التعامل مع الأعيان، سواء مجموعات أو أفراد، فنحن نتفق أن تنجيس المسجد لا يجوز والمحافظة على طهارته أمر محمود، هذه قاعدة عامة إجمالية، لكن لما دخل الأعرابي وكاد أن يحصر أذن له النبي بالتبول فيه، هذا انصراف من مفهوم القاعدة العامة إلى عكس ما تقتضيه لأن التعامل مع قضية معينة استلزم ذلك، ولذلك لما نهض الصحابة على هذا الأعرابي فإنهم إنما استشعروا معنى القاعدة العامة، أما النبي صلى الله عليه وسلم فقدم لوزام الحادثة الواقعية على لوازم القاعدة العامة، والأمثلة كثيرة جداً من كتاب الله وسنة نبيه. أخي الحبيب: كلامك في مشاركتك الأخيرة جميل ورائع، ولكنه عام، القرآن يقرر سمات عامة و قضايا كلية، ولكنا لا نستطيع أن نحكم بها على الأعيان قبل أن نجد من الأعيان ما يشهد بمنصوص النص، مثلاً: نتفق تمام الاتفاق أن من الناس من لايسمع كما جاء في القرآن، ولكن متى نعرف أنه لا يسمع؟ بعدما نباشره ويصدر منه ما يصدق هذا الوصف، أما إذا جئنا للحوار أو الجدال مع شخص أو مجموعة ونحن لا نعرف من كتاب الله في تلك اللحظة إلا {ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون} و قوله تعالى {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم} فإنا نكون قد وضعنا المخاطب في أحوال وهيئات مسبقة و صنعنا تصوراً جزئياً عن حقيقتهم [ولكن الآيات المستحضرة هنا حق في نفسها لا خلاف في ذلك]. هذا بدوره يؤدي إلى جعل الخطاب الموجه شديد الوطأة لأنهم لا يسمعون ولا يفقهون .. الخ. هذا في حق من لم يستوفى معه حق النصح والحوار. أما من ظهر شره و أبى الاستماع و لم يرفع بالحق الواضح رأساً فهذا هو الذي تصدق عليه الآيات، ولذلك قال تعالى {وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً} لما تبين حالهم وصار واضحاً فناسبهم أن يخاطبوا بهذه الطريقة.
ولكن هنا إشكالية عميقة قلما يتفطن لها النبهاء فضلاً عن غيرهم وهو أنهم يظنون أنهم قد أفلحوا في استيضاح حال المخاطب و قاموا بما يجب، وربما كان الهوى الخفي من أسباب تعطيل بذل الوسع عن أخذ كفايته في تجلية حال المخاطب، مثلاً يأتي داعية أو عالم او طالب علم فيقول: لقد كلمته وحاورته وجادلته و أقمت عليه الحجة فلم يسمع ولم يفهم. هذا زعم، ولكن النفس المنصفة لو رأت ما فعله لرأت خطاباً لا يجعل الآخر على محك "ليحي من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة" وهذا مقام عزيز جداً من الحوار والنصح، ولكن البعض بسبب استحواذ قدر من الهوى على شيء من أحواله ينحطم ويخور ويعجز عن قبل بلوغ هذه الدرجة العالية من الإسماع والاستماع.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[27 - صلى الله عليه وسلمug-2007, مساء 02:36]ـ
استراحة وإلماحة .... هذا ومن تأمل أحوال الظن لوجدها حاكمة على أصناف الأفعال وموجهة لأحكام المقال والمقام بحسبها. فمن كان ظنه بعامة المؤمنين سيئاً، فعلى منهجه في الدعوة دائرة السوء، ومن كان ظنه حسناً، فعلى منهجه نور وبركات، وهو في عافية من المقت المشين الحاكم على سائر المسلمين بالضلال، وتمام الجهل وقبيح الخِلال. وليعتبر هؤلاء بحسن ظن نبيهم بعبدة الأوثان و طواغيت الشرك في زمنه لما قال: أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا، فما بالك يارعاك الله بما يستحقه من عصمه الله بعصمة الإسلام؟ هم منا وفينا وأحبتنا و نحب لهم ما نحب لأنفسنا، بل لمن نبلت نفسه وزكت سجيته أن يؤثرهم على نفسه ولو كان به خصاصة.
ـ[نبيل عليش الجزائري]ــــــــ[12 - Jan-2008, مساء 04:16]ـ
لماذا توقف النقاش؟
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[12 - Jan-2008, مساء 06:49]ـ
لن يتوقف إن شاء الله ... هذا من أهم مواضيعي في هذا المنتدى المبارك بأصحابه، نتائج تأملي و قراءاتي، فأنا لا أستعجل في إكماله بأي شيء، سيكمل إن شاء الله ريثما أفرغ من إنهاك بعض الأفكار تأملاً.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[17 - May-2008, مساء 11:04]ـ
إلماحة ...
وأكثر من انتكس و انقلب على عقبيه هم ممن قدّموا قشور السلوك على لباب الآداب القرآنية و الأخلاق النبوية، وهذه من رزايا خطاب دعوي آثر التربية المخبرية نسيئةً وفضّل التربية المظهرية يداً بيد.
¥