ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[01 - May-2007, مساء 05:03]ـ

جزاك الله خيرا وسدد قلمك وألهمك رشدك.

أقدر لك حرصك على مكانة علماءنا زادك الله حرصا. ولكن من ظن أن كلامي يهدف إلى تنقص العلماء أو الحط من قدرهم فقد أبعد النجعة، و من ظن العلماء فوق كل نقد فقد أبعد النجعة كذلك.

ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[03 - May-2007, مساء 02:21]ـ

الشيخ الفاضل المقريء وفقه الله. أعود مجدداً لاستكمال النقاش الذي تبارك بمشاركاتكم و مداخلات الإخوة الكرام.

شيخنا الفاضل، سأتحاشى المناقشة التفصيلية لمداخلاتكم الأخيرة، ليس لأمر سوى أنك لو تأملتها لوجدت أنها تدور حول فلك الفتوى وأدوات الفتوى وحقوق المفتي و ماله وما لغيره [1]. ما أردته هو ما استفتحت به أصل الموضوع، وهو "تربوي" بالدرجة الأولى، وطبيعة القضية التربوية تتطلب المواجهة والمباشرة و قدراً من العرك و -أحياناً - بعض "المعافسة" [2]. لماذا يجد كثيراً من الناس اليوم "مفاجأة غريبة" في رؤية أحد المشايخ الفضلاء يتسوق لغرض الشراء أو - وقد شاهدت هذا الاستغراب- يمشي لوحده دون رفقة أو حاشية من طلاب العلم في مكان عام؟ تعارف الناس على غير هذا لا يعني صلاحية ما تعارفوا عليه. [3] حديثي لا تعميم فيه، ولكنه حديث عن الغالب في واقعنا. كثير من الناس قد يجدالفتوى في الشبكة أو مطوية أو عبر اتصال هاتفي أما القفو و التأثر السلوكي فلا يجده الناس إلا عند القدوة الظاهرة التي تبرز إليهم فيجلسون إليها ويصغون إليها فتخرجهم من دوامة الفتن والشبهات بتيسير البديل و تذليل العقبات وتوطين القلوب القلقة بخطاب واعٍ يراعي الأحوال والنفسيات السائدة في نمط الحياة التي نعيشها اليوم. المشكلة أنك عندما تناقش موضوع كهذا لا تجد استعداداً للنظر و التحري على أقل الأحوال ولكن تتهم بتنقص العلماء وعدم معرفة قدرهم وأنه لا تقصير من جانبهم وأنك تبالغ للتفريط في الثوابت .. الخ. ومع ذلك وجدت أيضاً كثيراً من الناس من شرائح متنوعة ذكوراً و إناثاً يحملون الهم الذي أحمله و يريدون أن تتحول الأوضاع من "الحسن" إلى "الأحسن". ليس المراد أن يصبح "حرام" الأمس حلالٌ اليوم، ولا أن يصير "عالم" الأمس من سوقة الناس وجهلة اليوم، ولا أن يصير خرقة يتمسح بها الأراذل و أهل الشماتة، ليس المراد شيئاً من ذلك. نحن نريد الخير والأفضل والأحسن لعلماءنا، ولن يكون لهم ذلك إذا اعتقدنا أنه ما كان بالإمكان أحسن مما كان وأن المشكلة في كل شيء في العالَم (بفتح اللام) إلا في العالِم (بكسرها). [4]

قبل الختام أنقل هنا تجربة حية وهموم مماثلة من أخت في هذا المنتدى، تقول الأخت "وحي":

((لقد اُستهلك الخطاب الإسلامي الموجه للمرأة لسبب يسير وهو أنه كان دائما لا يراوح مكانه

ويركز أن المرأة درة مصونة وجوهرة مكنونة

أرجوكم أنا امرأة وأعرف النساء جيدا

هذا الخطاب كان جيدا في حين لكنه لم يكن بانيا ومربيا بل هو أشبه بالمنوم والمسكن ولذا ولج الأعداء إلينا من طريق المرأة وسيفعلون لأنها لا تمتلك وعيا حرا يفكر باستقلال

لا تعرف ما لها ولا ما عليها

رسالتها في الحياة حصرت في أمور لن أقول إنها سطحية ولكنها ليست أولويات

المرأة التي تربت على تعظيم الله وشرعه قبل كل شيء

لن تحتاج أن تذكر بحقوق زوجها أو تربية أبنائها أو حرمة السفور والتبرج بشكل مكرر

كان ينبغي أن يكثف الخطاب الإيماني الذي يخاطب روح المرأة وعقلها وعاطفتها)). [5]

============================== =

[1] صنفت كما لا يخفى عليكم كتب في هذا لمن أراد الاطلاع، ومن أمثلها كتاب الفقيه والمتفقه للخطيب رحمه الله

[2] وفي الحديث قول الصحابي ( ... فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا (لاعبنا) الأزواج و الأولاد و الضيعات فنسينا كثيراً). وقد داعب عليه الصلاة والسلام وصارع ومازح وعاشر الصغير والكبير و الفقير والغني صلى الله عليه وسلم، وكان الصحابة وعدد من أجلة العلماء بعد ذلك على هذه السيرة والأمثلة كثيرة.

[3] التواجد في مواطن "الأسواق" يذكرها الله في القرآن لأنها محل اشتغال الناس بالدنيا و اجتماع الوضيع والشريف وهي أدعى لحصول الاستغراب في حق من ظن أن أهل الرسالة لا ينبغي لهم شيء من ذلك، قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا)، قال القرطبي رحمه الله ((يقول تعالى مخبرا عن جميع من بعثه من الرسل المتقدمين أنهم كانوا يأكلون الطعام ويحتاجون إلى التغذي به ويمشون في الأسواق للتكسب والتجارة وليس ذلك بمناف لحالهم ومنصبهم)). وقال تعالى (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ) الآية. قال القرطبي (( ... وعيروه بالمشي في الأسواق حين رأوا الأكاسرة والقياصرة والملوك الجبابرة يترفعون عن الأسواق , وكان عليه السلام يخالطهم في أسواقهم , ويأمرهم وينهاهم ... دخول الأسواق مباح للتجارة وطلب المعاش. وكان عليه السلام يدخلها لحاجته , ولتذكرة الخلق بأمر الله ودعوته , ويعرض نفسه فيها على القبائل , لعل الله أن يرجع بهم إلى الحق وذكر السوق مذكور في غير ما حديث , ذكره أهل الصحيح. وتجارة الصحابة فيها معروفة , وخاصة المهاجرين ; كما قال أبو هريرة: وإن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق ; خرجه البخاري)) أ. هـ.

[4] عندما قال عمر رضي الله عنه فيما يروى (أصابت امرأة وأخطأ عمر) لم يقل أحد أن عمر مصيب على كل حال لأنه لا يمكن أن يفرط في تصور القضية مع أنه 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ملهم مصدق ولقبه الفاروق.

[5] مصدرها: http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=2734

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015