الأول: طلب التواضع وترك الفخر والخيلاء، فأهل المغرب الغالب عليهم التواضع وترك الفخر والخيلاء، بخلاف أهل المشرق فالغالب عليهم حب الفخر والرياسة فتجد عندهم هذا الالقاب عز الدين وشمس الدين ... إلخ (11).

والثاني: تنزيه الأسماء الشريفة أن ينالها سوء أو أذى فتجد عندهم اسم "مُحند" وأصله "محمد" ويفضل كثير من أهل المغرب العربي خاصة أهل زواوة منهم تسمية أولادهم بهذا الاسم، لكنهم يخشون أن يزلهم الشيطان فيأتوا من قبيح الأفعال وبذيء الاقوال مما يجعل بعض الناس يشتمون حامل هذا الاسم أو يسمونه، فيكونون قد شتموا اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتاطوا للأمر، واهتدوا الى طريقة يجمعون بواسطتها بين التبرك باسم الرسول صلى الله عليه وسلم وبين تنزيه اسمه الشريف عن أن يناله سوء أو أذى (12)

مولده:

ولد رحمه الله سنة 1288هـ 1871م من بلدة عين بسام والتي تعد من كبرى بلديات البويرة الجزائرية تبعد عن الجزائر العاصمة حوالي 120 كلم، من ناحية الشرق تحيط بها عدة مدن صغيرة كالهاشمية وعين العلوي والخبوزية والروراوة وسوق الخميس وبئر غبالو

نشأته:

عندما بلغ الشيخ رحمه الله سن التعليم بدأ بحفظ القرآن الكريم حتى أتمه بروايتي ورش وحفص، وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره (13) قرأ القرآن على الشيخ المختار (14).

وبعد أن أتم قراءة القرآن سافر الى مدينة بوسعادة (15) والتحق (16) بزاوية الهامل (17) فتلقى مختلف العلوم الشرعية التي كانت تدرس في الزاوية المذكورة كالعقائد والنحو والصرف والفقه والتجويد، فأكب على حضور مجالس العلم، وحفظ المتون العلمية،

ومن المشايخ الذين لازمهم الشيخ حميدة الطيب العلامة المصلح عبد الحميد بن باديس، قرأ عليه سيرة ابن هشام وألفية ابن مالك بشرح ابن عقيل وتفسير الجلالين (18)

كما درّس الشيخ حميدة بعض المشايخ قسما من الموطأ بشرح الزرقاني، وشيئا من مختصر خليل وبعض الألفية النحوية بشرح الأشموني.

وختم كتبا كثيرة، مثل موطأ الامام مالك وصحيح مسلم وسيرة ابن هشام وفتح الباري للحافظ ابن حجر والاصابة له كذلك.

وكان رحمه الله كثير المطالعة،شغوفا بقراءة الكتب، فمن الكتب التي أتم قراءتها مطالعة الدرر الكامنة للحافظ ابن حجر، ولسان الميزان له كذلك، والاستيعاب للحافظ ابن عبد البر وأسد الغابة لابن الأثير، والكامل في التاريخ له كذلك، وتاريخ ابن جرير الطبري، وطبقات ابن سعد وتاريخ ابن كثير وتاريخ ابن خلدون وتذكرة الحفاظ للذهبي، وغيرها من الكتب، وحصل على إجازة من معهد زاوية الهامل بالتدريس ونشر العلم في المدن والقرى الجزائرية.

صفاته الخَلقية والخُلقية:

كان الشيخ رحمه الله متوسط الطول، أبيض اللون،واسع العينين عريض الجبهة لحيته بيضاء يلبس العمامة

وأما أخلاقه فعرف رحمه الله بالتواضع واشتهر بالعفة والنزاهة ودمث الأخلاق يكره التكبر والتملق، صاحب رجاحة في العقل، غزير الحفظ قوي الذاكرة

رحلته الى الحجاز:

حرص المسلمون في مختلف العصور والأقطار على الارتحال في طلب العلم، وكانوا يتكبدون المشاق في سبيل ذلك، غير أن الحجاز تتمتع بميزة أخرى،جعلته أكثرجذبا للعلماء وطلاب العلم بحكم مكانته الدينية.

فأكثر من يقدم للحج والعمرة، يقيم فترة للمجاورة في الحرمين، للتزود ببعض العلوم الشرعية، ومجالسة أهل العلم الذين قد لا يتيسر لقاؤهم في غير الحجاز، وربما طال به المقام، فيستقر فترة من الزمن، قد تطول وقد تقصر، وفي هذه الحالة يعد مجاورا فيستفيد من اتصاله بالعلماء، كما يفيد غيره من علمه، وعليه يمكن أن تصنف الذين قاموا بهذه الرحلات الى نوعين:

- نوع قاموا بالرحلة لطلب العلم والافادة من علماء عصرهم

-نوع آخر ممن نال حظا وافرا من العلم فارتحل الى أقطار أخرى للافادة

ولقد جذبت المدينة النبوية بحكم مركزها الديني والعلمي عددا من العلماء، وطلبة العلم الذين قدموا إليها لتلقي العلوم (19) ومن هؤلاء الشيخ حميدة رحمه الله، فإنه اتخذها مهاجره ودار إقامة، بعد أن ضغط عليه المستعمر الفرنسي الغشيم (20) ومنعه من الدعوة الى الله وتعليم الناشئة فقرر رحمه الله الهجرة الى الحجاز، فخرج متسترا باسم حميدة التواتي نسبة لجده علال التواتي، وتوجه الى مكة المكرمة فأدى فريضة الحج ثم توجه الى المدينة المنورة.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015