كتب على طريق الحوليات فيذكر في كل سنة أهم أحداثها ومن توفي فيها، وقد تختصر وقد تطول حسب منهج المؤلف
الصورة الثانية:
كتب على طريقة الطبقات حيث يذكر أحوال الناس ووفياتهم طبقة طبقة
الصورة الثالثة:
كتب على طريقة التراجم المخصصة، سواء أكانت مفردة لشخص بعينه أولبلده أو لكتاب أو لدولة أو لوصف كالثقات والضعفاء أو الأعلام
الصورة الرابعة:
كتب على طريقة الدرس والتحليل للنواحي السياسية والاجتماعية والعمرانية والعلمية وغير ذلك وهذا النوع من الدراسات بداياته قديمة، وابن خلدون في مقدمته أشار الى أهمية الدراسة على هذا المنهج، وقد اهتم به في العصور المتأخرة (2)
ثم إن علم التاريخ -بما فيه فن التراجم- علم يستمتع به العالم والجاهل،ويستعذب موقعه الأحمق والعاقل فكل غريبة منه تعرف وكل أعجوبة منه تستظرف،ومكارم الأخلاق ومعاليها منه تقتبس، وآداب سياسة الملوك وغيرها منه تلتمس،يجمع لك الأول والآخر، والناقص والوافر والبادي والحاضر، والموجود والغابر، وعليه مدار كثير من الأحكام، وبه يتزين في كل محفل ومقام (3)
ويوم قام ببعض هذا الواجب وهو تدوين تاريخ الجزائر الشيخ مبارك الميلي في كتابه الحافل "تاريخ الجزائر " كتب إليه الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس رحمه الله كلمة هي بمثابة التقريظ للكتاب ومما جاء فيه: (( ... وقفت على الجزء الأول من كتابك تاريخ الجزائر في القديم والحديث فقلت لو سميته "حياة الجزائر" لكان بذلك خليقا، فهو أول كتاب صور الجزائر في لغة الضاد صورة تامة سوية، بعدما كانت تلك الصورة أشلاء متفرقة هنا وهناك، وقد نفخت في تلك الصورة من روح إيمانك الديني والوطني ما سيبقيها حية على وجه الدهر تحفظ اسمك تاجا لها في سماء العلا،وتخطه بيمينها في كتاب الخالدين، أخي المبارك إذا كان من أحيا نفسا واحدة فكأنما أحيا الناس جميعا،فكيف من أحيا أمة كاملة؟! أحيا ماضيها وحاضرها وحياتها عند أبناءها حياة مستقبلها)) (4)
إن الاهتمام بتراجم العلماء وتدوينها فيه إحياء ذكر الأولين والآخرين من علمائها والطارئين عليها، فإنه ذكر حياة جديدة {ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا} [المائدة 32]، وتصورهم في القلوب ومعرفة افعالهم وزهدهم وورعهم وديانتهم وانصرافهم عن الدنيا واحتقارهم لها وصبرهم على شدائد الطاعات والمصائب في الله، فيتخلق الناظر بأخلاقهم، ويتعطر السامع بأحوالهم فالطبع منقاد، والانسان معتاد، والأذن تعشق قبل العين أحيانا.
ولما كان سبب النجاة الاستقامة في الأحوال والأفعال ولا يتم ذلك الا بسائق وقائد، كصحبة الصالحين وأسماع أحوالهم، والنظر في أثارهم عند تعذر الصحبة (5) حيث تتصور النفس أعيانهم وتتخيل مذاهبهم لأنك لو أبصرت لم يبق عندك الا التذكر والتخيل، ولكن إن يكن وابل فطل، لاسيما وعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة (6)
وعليه فإن من أعظم المقاصد لكتابة تراجم علمائنا بيان الجوانب المشرقة من سير عظمائنا، والتنويه بما لهم من أعمال جليلة، وأياد بيضاء، وإيقاظ الهمم وحفزها،والارتقاء بالأخلاق وتقويم عوجها، وتزويد القارئ بشيئ من خلاصات التجارب وقرائح الأفهام قال الأستاذ محمد كرد علي (7) كان أستاذنا طاهر الجزائري (8) وهو على سرير الموت يقول لمن حوله من أصحابه:اذكروا من عندكم من الرجال الذين ينفعونكم في الشدائد ودونوا أسماءهم في جريدة،لئلا تنسوهم ونوهوا بهم عند كل سانحة واحرصوا حرصكم على أعز عزيز.
ومن هؤلاء الذين يستحقون الترجمة من أبناء الجزائر، الذين نبغوا في غير وطنهم، وليس ذلك بغريب، لأن الجزائر كما قيل: طينة علم وذكاء وصدق شاعر النهضة محمد العيد آل خليفة إذ يقول:
إن الجزائر لم تزل في نسلها ..... أُمًا ولودا خصبة الأرحام
نسبه:
من هؤلاء العالم المصلح العلامة الفقيه حميدة بن الطيب بن علال التواتي الابراهيمي الحسني (9) المالكي الجزائري ثم المدني، المعروف عند بعض أهل المدينة بالجزائرلي (10)
وحميدة أصلها أن تكتب هكذا "أحميدة" جرى على هذا أهل المغرب العربي طلبا للاختصار، كما في أسماء أُخر، مثل: محمد يقولون حمُو، ولأحمد حمدوس، وليوسف يسو، ولعبد الرحمن رحموا، الى غير ذلك ولهم في هذا الاختصار غرضان أساسيان:
¥