خلف – رضي الله عنه - من الأبناء تسعة من الذكور وأربعة من الإناث: عبد الله وحفصة وعبد الرحمن الأكبر، وأمهم زينب بنت مظعون، وزيد ورقية، وأمهما أم كلثوم بنت علي، وزيد الأصغر وعبيد الله، وأمهما أم كلثوم بنت جرول، وعبد الرحمن الأصغر وزينب، وأمهما فكيهة الجارية، وعبد الله الأصغر، وأمه سعيدة بنت رافع، وعاصم، وأمه جميلة بنت ثابت، وعياض، وأمه عاتقة بنت زيد، وفاطمة، وأمها أم حكيم بنت الحارث.

وكان عمر رجلا آدم شديد الأدمة بعد بياض، أصلع شديد الصلعة، أحمر شديد حمرة العينين، أعسر يسر يعمل بكلتا يديه، جهوري الصوت، كثيف اللحية، في أطرافها صهوبة، وفي عارضيه خفة، جسيما ضخما، كأنه من رجال بني سدوس، فارعا طوالا، كأنه على دابة، أروح تتدانى أعقابه إذا مشى.

ولما رجع - رضي الله عنه - من آخر حجة حجها بأمهات المؤمنين، في آخر سنة ثلاث وعشرين، وهو ابن ثلاث وستين، رأى كأن ديكا نقره نقرة أو نقرتين، فنعى نفسه، وخرج ذات صباح إلى صلاة الصبح بالمسلمين، وكان إذا مر بين الصفين قال: استووا، حتى إذا لم ير فيه خللا تقدم فكبر، فما هو إلا أن كبر حتى فاجأه العلج الفارسي أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة، فطعنه طعنتين أو ثلاثا بسكين ذات طرفين، وطعن معه ثلاثة عشر رجلا، ولما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه، فلما انصرفوا من الصلاة، قال عمر - رضي الله عنه -: يا ابن عباس انظر من قتلني، فجال ساعة، ثم جاء فقال: غلام المغيرة، قال: الصنع؟ قال: نعم، قال: «قاتله الله، لقد أمرت به معروفا، الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي اٍلإسلام».

واحتمل إلى بيته، وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ، وحين عالجوه، علموا أنه ميت، فاستشهد –رضي الله عنه – يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة، ولما وضع على سريره أحاط به الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع، وجاء علي بن أبي طالب فترحم عليه، وقال: ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت أني كثيرا ما أسمع النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: «ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر».

فدفن الشهيد عمر بن الخطاب – رحمه الله - مع صاحبيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر في حجرة عائشة، وكان قد غسله ابنه عبد الله، وكفنه في خمسة أثواب، وصلى عليه صهيب بن سنان – رضي الله عن الصحابة أجمعين -.

وأنشد أحمد بن غزال في دفن عمر وأبي بكر مع النبي – صلى الله عليه وسلم -:

ألا إن النبي وصاحبيه ... كمثل الفرقدين بلا افتراق

على رغم الروافض قد تصافوا ... وعاشوا في مودة باتفاق

وصاروا بعد موتهم جميعا ... إلى قبر تضمن باعتناق

إلى ما فيه قد خلقوا أعيدوا ... ومنها يبعثون إلى السياق

فقل للرافضي: تعست يا من ... يباين في العداوة والشقاق

لأهل السبق والإفضال حقا ... طوال الدهر تطرح في وثاق

فعند الموت تبصر سوء هذا ... وبعد الموت تحشر في الخناق

وأهل البيت حبهم بقلبي ... وأصحاب النبي لدى رتاق

بهم نرجوا السلامة من جحيم ... تسعر للمخالف باحتراق

وفوزا في الجنان بدار خلد ... ونلقى بالتحية في التلاق

وهذا واضح شكرا لربي ... مكين عند أهل الحق باق

وقال حسان بن ثابت يرثي عمر – رضي الله عنهما –:

وفجعنا فيروزُ لا درَّ درهُ ... بأبْيَضَ يَتْلُو المُحْكَمَاتِ مُنِيبِ

رؤوفٍ على الأدنى غليظٍ على العدا ... أخي ثقة ٍ في النائباتِ نجيبِ

متى ما يقلْ لا يكذبِ القولَ فعلهُ ... سريعٍ إلى الخَيْرَاتِ غَيْرِ قَطُوبِ

وقالت مسلمة الجن:

جزى الله خيراً من إمامٍ وباركت ... يد الله في ذاك الأديم الممزق

قضيت أموراً ثم غادرت بعدها ... بوائق في أكمامها لم تفتق

فمن يسع أو يركب جناحي نعامةٍ ... ليدرك ما حاولت بالأمس يسبق

أبعد قتيل بالمدينة أظلمت ... له الأرض تهتز العضاه بأسؤق

وما كنت أخشى أن تكون وفاته ... بكفي سبنتى أزرق العين مطرق

ولقاك ربي في الجنان تحية ... ومن كسوة الفردوس لا تتمزق

اللهم إني أُحِبُّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ، اللهم ألحقني بهم، اللهم اكفنا شر الرافضة بما شئت، اللهم إنهم بنوا على أبي لؤلؤة قاتل عمر مسجدا، وجعلوا قبره في زعمهم مشهدا، وتطاولوا في عرضي صاحبي خليلك، وجعلوا مسبتهما وردا يوميا، اللهم اكفيناهم بما شئت، وذب عن عرضي أبي بكر وعمر بعبادك الصالحين.

اللهم اجعل عملي كله لك صالحا، واجعله لك خالصا، ولا تجعل لغيرك منه شيئا، اللهم إني أعوذ بك من ظلم خلقك إياي، وأسألك العافية من ظلمي إياهم.

وكتبه أبو طيبة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015