ـ[أبو طيبة]ــــــــ[23 - عز وجلec-2010, صباحاً 01:01]ـ
الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه المبين: ? ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ?، والصلاة والسلام على خير الأنام القائل: «اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب، أو بأبي جهل بن هشام»، فجعل الله دعوة رسوله لعمر بن الخطاب، فبنى عليه الإسلام، وهدم به الأوثان، رضي الله عنه وأرضاه، وجعل الجنة متقلبه ومثواه، وهو القائل: «إنا قوم أعزنا الله بالإسلام، فلن نلتمس العزة بغيره».
فلله در عمر، كان إسلامه فتحا، وهجرته نصرا، وإمارته رحمة، شد الله به الدين، وأيد به المؤمنين، فصاروا على الحق ظاهرين.
كنيته أبو حفص، واسمه عمر، أبوه الخطاب بن نفيل، وأمه حنتمة بن هاشم المخزومية، ونسبته إلى قريش وبني عدي، ولد بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة في دار والده بجبل العاقر المسمى اليوم جبل عمر بمكة الشريفة.
لقب بالفاروق لأن الله فرق به بين الحق والباطل، ولقب بأمير المؤمنين لأن الصحابة أسموه بذلك بعد أن عهد إليه أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – قبل وفاته بالخلافة.
ولقد كان من أشراف قريش، وكان رجلا غيورا قويا، مهيب الجانب، شديد العارضة، عزيز الشكيمة، لا يرام ما وراء ظهره، اشتغل بالرعي والتجارة، وإليه كانت في الجاهلية السفارة.
أسلم على المشهور بعد أربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة، سنة ست للبعثة، كان أول من جهر بالإسلام، بشره رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالجنة، ورأى له فيها قصرا بفنائه جارية، وأخبر أنه أحد سيدي كهول أهلها من الأولين والآخرين ما خلا الأنبياء والمرسلين، وشهد له بكمال الدين، واعترف له بوفرة العلم، وأقر له بالشهادة في سبيل الله، وقال له ذات مرة: «البس جديدا، وعش حميدا، ومت شهيدا».
كان يفر من طريقه الشيطان، وتسكت عند حضوره مهابة النساء والولدان، أجرى الله الحق على قلبه ولسانه، فوافق ربه في كتابه: في الحجاب، وأسرى بدر، وفي مقام إبراهيم، وتحريم الخمر، وتفرد - رضي الله عنه – من بين الصحابة العدول الأثبات برواية حديث: «إنما العمال بالنيات».
وهو أفضل الصحابة بعد أبي بكر – رضي الله عنه –، وكثيرا ما كان يسابقه في الخيرات، فيسبقه أبو بكر، تصدق ذات يوم بنصف ماله، فوجد أبا بكر قد تصدق بماله كله في سبيل الله، ومن يطيق ذلك غيرهما – رضي الله عنهما -؟
هاجر مع المهاجرين الأولين، وشهد بدرا وبيعة الرضوان، وكان أشد الناس في الدين وما سبق من سبقه إلا بالزهد واليقين؛ عن سعد بن وقاص - رضي الله عنه – قال: «أما والله! ما كان بأقدمنا إسلاما، ولا أقدمنا هجرة، ولكن قد عرفت بأي شيء فضلنا، كان أزهدنا في الدنيا - يعني عمر بن الخطاب-».
صحب عمر – رضي الله عنه - رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأحسن صحبته، وأظهر محبته، وشهد معه المشاهد كلها، وكان أحد وزيريه في الأرض، ثم فارقه وهو عنه راض، ثم صحب أبا بكر الصديق فأحسن صحبته، وكان عونه وأول من بايعه، ونابه سنة إحدى عشرة في الحج، ثم فارقه وهو عنه راض، وولي من بعده الخلافة سنة ثلاث عشرة للهجرة، فصحب فيها صحابة النبي – صلى الله عليه وسلم - أحسن صحبة، وسار في الرعية أعدل سيرة، وفتح الله على يديه الشام والعراق ومصر، وحقق به للمسلمين النصر، ودامت خلافته عشر سنين ونصفا، كلها رشد وعدل ورحمة.
وهو أول من سمي أمير المؤمنين، ومصر الأمصار، ودون الدواوين، ورتب الناس على سوابقهم في الدين، وأول من أرخ من الهجرة، وأول من اتخذ الدرة، وكان حصنا منيعا وقرنا من حديد دون الفتنة، لا يخاف في الله لومة لائم، فأنعم به في العلم فقيها مفهما، وفي الحق محدثا ملهما، وفي الخير سابقا مقدما، وفي السياسة عبقريا معلما، وفي القضاء حاتما محكما!.
¥