(ووجوه يومئذ عليها غبرة , ترهقها قترة) ووجوه يومئذ عليها غبار و كدورة , تغشاها ظلمة و سواد , فهي وجوه سوداء مظلمة مدلهمة , قد أيست من كل خير , و عرفت شقاءها و هلاكها.

(أولئك هم الكفرة الفجرة) أي: الكفرة قلوبهم , الفجرة في أعمالهم , الذين لا يبالون ما أتوا به من معاصي الله , و ركبوا من محارمه , فجوزوا بسوء أعمالهم و خبث نياتهم.

ـ[عبدالحي]ــــــــ[10 - Jun-2008, مساء 01:33]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

تفسير سورة النازعات

و تسمى سورة الساهرة , و الطامة , و هي مكية و آيها ست و أربعون.

(و النّازعات غرقا) أي الملائكة تنزع أرواح الفجار و الكفار عند الموت بشدّة.

(و الناشطات نشطا) أي الملائكة تنشط أرواح المؤمنين الصالحين نشطا أي تسلها برفق.

(و السابحات سبحا) أي الملائكة مترددات في الهواء صعودا و نزولا.

(فالسابقات سبقا) أي الملائكة تبادر لأمر الله , فتسبق الشياطين في إيصال الوحي إلى رسل الله حتى لا تسترقه.

(فالمدبرات أمرا) الملائكة , الذين و كلهم الله أن يدبروا كثيرا من أمور العالم العلوي و السفلي , من الأمطار , و النبات , و الأشجار , و الرياح , و البحار , و الأجنة , و الحيوانات , و الجنة , و النار , و غير ذلك.

هذه الآيات الخمس قسم من الله تعالى عظيم , أقسم به على أنه لابد من البعث و الجزاء و أنه واقع لا محالة , حيث كان المشركون ينكرون ذلك حتى لا يقفوا عند حد في سلوكهم فيواصلوا كفرهم و فسادهم جَرْيا وراء شهوتهم كل أيامهم و طيلة حياتهم قال تعالى " بل يريد الإنسان ليفجر أمامه ".

و تقدير جواب القسم بل تبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم إذ هو معهود في كثير من الإقسام في القرآن كقوله تعالى " زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى و ربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم و ذلك على الله يسير ".

(يوم ترجف الراجفة تتبعها الرّادفة) قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: هما النفختان الأولى و الثانية , قال الحسن: أما الأولى فتميت الأحياء , و أما الثانية فتحيي الموتى , ثم تلا " و نُفخ في الصور فصعق من في السماوات و من في الأرض إلاّ من شاء الله ثمّ نُفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ".

(قلوب يومئذ واجفة) أي شديدة الإضطراب ,خوفا من عظيم الهول النازل.

(أبصارها خاشعة) أي أبصار أهلها ذليلة حقيرة , مما قد علاها من الكآبة و الحزن , من الخوف و الرعب.

(يقولون أئنا لمردودون في الحافرة , أءذا كنّا عظاما نّخرة) يعني: مشركي قريش و من قال بقولهم في إنكار المعاد , يستبعدون وقوع البعث بعد المصير إلى القبور , و بعد تمزق أجسادهم و تفتت عظامهم , و نخورها قال ابن عباس: و هو العظم إذا بلى و دخلت الريح فيه.

(قالوا تلك إذا كرّة خاسرة) يعنون أنهم إذا عادوا إلى الحياة مرة أخرى فإن هذه العودة تكون خاسرة , قال ابن زيد: و أي كرة أخسر منها؟ أحيوا ثم صاروا إلى النار , فكانت كرّة سوء. و قال أبو السعود: هذا حكاية لكفر آخر لهم ,متفرع على كفرهم السابق ... أي قالوا ذلك بطريقة الإستهزاء , مشيرين إلى ما أنكروه من الردة في الحافرة.

(فإنما هي زجرة واحدة) أي صيحة واحدة , و هو أن يأمر الله تعالى إسرافيل فينفخ في الصور نفخة البعث , فإذا الأولون و الآخرون قيام بين يدي الربّ عز وجل ينظرون. قال تعالى " و ما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر " و قال تعالى " و ما أمر السّاعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب ".

(فإذا هم بالسّاهرة) أي على ظهر الأرض أحياء , فيجمعهم الله و يقضي بينهم بحكمه العدل و يجازيهم. و هذه الأرض لم يعمل عليها خطيئة , و لم يَهرَاق عليها دم قال تعالى " يوم تُبدل الأرض غير الأرض و السماوات و برزوا لله الواحد القهار ".

(هل آتاك حديث موسى) أي: هل سمعت بخبره؟

(إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى) أي ناداه الله تعالى بالوادي المطهر المبارك – المسمى طوى - , و هو واد في أسفل جبل طور سيناء من برية فلسطين. و كلمه فيه , و امتنّ عليه بالرسالة و اختصه بالوحي و الإجتباء فقال له:

(إذهب إلى فرعون إنه طغى) إذهب إلى فرعون إنه عتا و تكبر و ظلم فأفحش في الظلم و الفساد.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015