وقد استطاعت الأنماط القيروانيّة أن تفرض تجذّرها بإفريقية إلى العصر الحديث ولم تتراجع عن سيطرتها المطلقة إلا بمجيء العثمانيين ومن خلال ما لحق إفريقية من تأثيرات أندلسيّة ومغربيّة بعد طرد المسلمين من الأندلس.

وقد شملت مدرسة القيروان صقليّة النورمانيّة حيث أن أغلب كنائسها ككنيسة سان جيوفاني دل أرميتي وقصر العزيزيّة وقصر القبيبة وقصر القبّة قد استمدّت أشكالها من المعالم الإفريقية خاصّة من حيث استعمال المحاريب كعناصر زخرفيّة واتّخاذ القباب ذات الحنايا الركنيّة.

ويمكن الجزم بأن المناطق المغربيّة التي كانت مرتبطة سياسيا وتاريخيا وعقائديّا بإفريقية، قد تأثّرت بالمدرسة القيروانيّة، من ذلك فان منارة جامع بني حماد تعتبر من طراز المنارات القيروانية.أعلام القيروان أسد بن الفرات (142 - 213هـ/760 - 829م)

أبو عبد الله أسد بن الفرات من سنان مولى بني سليم. أصله من أبناء جند خراسان. ولد بتجران سنة 142هـ. سمع من علي بن زياد ثم ارتحل إلى المشرق فلقي أصحاب أبي حنيفة القاضي أبا يوسف ومحمد بن الحسن ثم سمح الحديث على يحي بن زكريا بن أبي زائدة. وتفقه بمصر على يدي عبد الرحمن بن القاسم وعنه دون الأسدية في الفقه المالكي. وهو أول مؤلف في العالم الإسلامي يجمع قضايا الفقه في كتاب. وقد نحا نحوه سحنون في المدونة رغم أنها اعتبرت تصحيحا للأسديّة.

مزج بين المذهبين الحنفي والمالكي وكان أعلم الناس بإفريقية بهما. وقد ذكر أبو سنان قال: "كان أسد إذ سرد أقاويل العراقيين يقول له مشايخ كانوا يجالسونه ممن يذهب مذهب أهل المدينة أوقد القنديل الثاني يا أبا عبد الله! فيسرد أقاويل أهل المدينة".

ولاه زيادة الله الأول القضاء سنة 204هـ/820م ثم جعله أميرا على جيشه الذي بعث به لفتح صقليّة سنة 212هـ/828م ففتح أسد كثيرا من الحصون ومات محاصرا لسرقوسة سنة 213هـ/829م. الامام سحنون160 هـ / 776م – 240هـ / 854م

سحنون – واسمه عبد السّلام – بن سعيد بن حبيب التنوخي، أبو سعيد. ولد بالقيروان سنة 160هـ. وتلقى العلوم بإفريقية على البهلول بن راشد وعلى أسد بن الفرات وعلي بن زياد. ثمّ توجّه في طلب العلم إلى المشرق سنة 188هـ فزار مصر والشّام والحجاز، وأخذ الفقه عن فطاحل تلك الأمصار مثل عبد الرحمان بن القاسم وأشهب، وابن الماجشون و وكيع بن الجرّاح وغيرهم.

وعاد إلى بلده سنة 191هـ فأظهر علم أهل المدينة ومذهب مالك بن أنس. وهو أول من ركّزه بإفريقية مركزا ثابتا.

وتولّى قضاء إفريقيّة منذ سنة 234هـ/848م إلى حين وفاته في رجب سنة 240هـ/854م، ودفن بالقيروان. وضريحه- رحمه الله- مشهور للخاصّ والعام.

له:

- المدوّنة الكبرى. جمع فيها مسائل الفقه على مذهب مالك بن أنس.

- مخطوطات المدوّنة كثيرة وكذلك مختصراتها. كابن أبي زيد وابن بشير - والبراذعي والمازري وابن يونس.

- وطبعت المدوّنة الكبرى في ثلاث طبعات.

محمد بن سحنون (202هـ/818م – 256هـ/ 870م)

محمد بن سحنون بن سعيد التنوخي، أبو عبد الله. ولد بالقيروان سنة 202هـ ونشأ في حضن والده سحنون وعنه أخذ العلم وعليه معتمده. كما تتلمذ على موسى بن معاوية الصمادحي وعبد الله بن أبي حسان اليحصبي وعبد العزيز بن يحي المدني. وكانت له رحلة إلى المشرق ومصر حج فيها ولاقى فيها العلماء مثل الزهري وابن كاسب وشيبة النيسابوري.

وبعد رجوعه إلى القيروان تصدر للتدريس بالجامع الأعظم وجلس بعد موت سحنون في مجلسه وآلت له ولابن عبدوس رئاسة المذهب المالكي بإفريقية وكان بينهما منافسة. وقد اظطهد محمد بن سحنون من طرف القاضي الحنفي سليمان بن عمران وأجبر على التوارى إلى أن أمنه أمير العصر محمد بن الأغلب.

وكانت وفاته سنة 256هـ بالساحل.

ولمحمد بن سحنون كير من المؤلفات بلغت الثلاثمائة كتاب لم يصلنا منها إلا النزر القليل. ومن أهمها:

- المسند في الحديث: وهو كبير.

- الجامع: جمع فيه فنون العلم: وهو في مائة جزء: وهو كتابه الكبير: في السير والأمثال وأدب القضاة والفرائض والتاريخ الخ ...

- كتاب الرد على أهل البدع: ثلاثة أجزاء.

- كتاب في الرد على الشافعي وأهل العراق: وهو كتاب في خمسة أجزاء.

ولم ينشر له إلا كتاب آداب المعلمين وكتاب الأجوبة. أبو الحسن القابسي (324 هـ/ 936م – 403هـ/1013م)

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015