ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[20 - صلى الله عليه وسلمug-2008, صباحاً 04:40]ـ
غفر الله لك ياشيخ أبا عائشة .. لقد أبكيتنا حتى تفطرت أكبادنا ..
حلف الزمان ليأتين بمثلهم .... حنثت يمينك يازمان فكفر ..
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[20 - صلى الله عليه وسلمug-2008, صباحاً 04:53]ـ
قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله:
ابنتي بنان رحمها الله, و هذه اول مرة اذكر فيها اسمها, اذكره و الدّمع يملأعيني, و الخفقان بعصف بقلبي, اذكرهاول مرة بلساني و ما غاب عن ذهني لحظة و لا صورتها عن جناني.
افتنكرون عليّ أن اجد في كل مأتم مأتمها و في كل خبر وفاة وفاتها؟
واذا كان كل شجى يثير شجاه لأخيه افلا يثير شجاي لبنتي؟
ان كل اب يحب اولاده و لكن ما رأيت لا والله ما رأيت من يحبّ بناته مثل حبيبناتي.
ما صدقت الى الآن و قد مرّ على استشهادها اربع سنوات و نصف السنة و انا لااصدق بعقلي الباطن انهاماتت, انني اغفل احيانا فاظنّ ان رنّ جرس الهاتف انّها ستعلمني على عادتها
بانّها بخير لأطمئنّ عليها.
تكلمني مستعجلة, ترصف الفاظها رصفا",مستعجلة دائما" كأنها تحسّ ان الردى لن يبطئ عنها, و انّ هذا المجرم, هذا النذل .. هذا .. يا اسفي, فاللغة العربية على سعتهاتضيق باللفظ الذي يطلق على مثله. ذلك لأنها لغة قوم لا يفقدون الشرف حتى عند الاجرام, ان في العربية كلمات
لنّذالة و الخسّة و الدناءة, وامثالها, و لكن هذه كلها لا تصل في الهبوط الى حيث نزل هذا الذي هدد الجارةبالمسدس حتى طرقت عليها الباب لتطمئنّ فتفتح لها, ثم اقتحم عليها, على
امرأة وحيدة في دارها, فضربها ضرب الجبان, و الجبان اذاضرب اوجع, اطلق عليها خمس رصاصات تلقتها في صدرها و في وجهها.
ما هربت حتى تقع في ظهرها, كأنّ فيها بقية من اعراق اجدادها الذين كانوا
يقولون:
و لسنا على الاعقاب تدمى كلومنا و لكن على اقدامنا تقطر الدّما
ثم داس ال ... لا ادري والله بم اصفه؟
ان قلت المجرم فمن المجرمين من فيه بقية من مروءة تمنعه من ان يدوس بقدميهالنجستين على
التي قتلها ظلما" ليتوثّق من موتها.
ربما كان في المجرم ذرة من انسانية تحجزه عن ان يخوض في هذه الدّماءالطاهرة التي اراقها.
و لكنه فعل ذلك كما اوصاه من بعث به لاغتيالها, دعس عليها برجليه ليتأكد من
نجاح مهمته, قطع الله يديه و رجليه, لا, بل ادعه و ادع من بعث به لله, لعذابه, لانتقامه, و لعذاب
الاخرة اشدّ من كل عذاب يخطر على قلوب البشر.
لقد كلمتها قبل الحادث بساعة واحدة, قلت:
اين عصام؟
قالت:
خبروه بأنّ المجرمين يردون اغتياله و ابعدوه عن البيت,
قلت:
فكيق تبقين وحدك؟
قالت:
بابا لا تشغل بالك بي, انا بخير.
ثق والله يا بابا انني بخير.
ان الباب لا يفتح الاّ ان فتحته انا.
و لا افتح الاّ ان عرفت من الطّارق و سمعت صوته.
انّ هنا تجهيزات كهربائية تضمن لي السّلامة,
و المسلّم هو الله.
ما خطر على بالها انّ هذا الوحش, هذا الشيطان سيهدد جارتها بمسدسه حتى
كلمها هي, فتطمئنّ, فتفتح لها الباب. و مرت الساعة فقرع جرس الهاتف, و سمعت من يقول لي:
كلّم وزارة الخارجية.
قلت: نعم.
فكلمني رجل احسست انه يتلعثم و يتردد, كأنه كلّف بما تعجز عن الادلاء به
بلغاء الرجال, بان يخبرني .. كيف يخبرني؟
و تردد و رأيته بعين خيالي كأنه يتلفت يطلب منجى من هذا الموقف الذي وقّفوه فيه
ثم قال: ما عندك احد اكلمه؟
و كان عندي اخي, فقلت لأخي:
خذ اسمع ما يقول, و سمع ما يقول, و رأيت قد ارتاع مما سمع, و حار ماذا
يقول لي, و كأنياحسست انّ المخابرة من المانيا, و انّه سيلقي عليّ خبرا" لا يسرني, و كنت
اتوقع ان ينال عصاما" مكروه
فسألته: هل اصاب عصاما شيء؟
قال: لا, و لكن .. قلت: و لكن ماذا؟ عجّل يا عبدة فانك بهذا التردد كما يبتر اليد التي تقرر بترها
بالتدريج, قطعة بعد قطعة, فيكونالالم مضاعفا" اضعافا" فقل و خلّصني مهما كان سوء الخبر.
قال: بنان. قلت: ما لها؟
قال, و بسط يديه بسط اليائس الذي لم يبق في يده شيء.
و فهمت و احسست كأنّ سكّينا" قد غرس في قلبي, و لكني تجلدتّ , و
قلت هادئا" هدوءا" ظاهريا", والنارتتضرم في صدري:
حدّثني بالتفصيل بكل ما سمعت. فحدثني.
و ثقوا انني لا استطيع مهما اوتيت من طلاقة اللسان, و من نفاذ البيان, اناصف لكم ماذا فعل بي هذا الذيسمعت.
و انتشر في الناس الخبر و لمست فيهم العطف و الحب و المواساة ...
¥