ـ[أبو تيمية]ــــــــ[26 - عز وجلec-2006, صباحاً 11:58]ـ
رابعا: أن العقيلي رحمه الله نفسه ممن شارك الفاكهي في بعض شيوخه من محدثي مكة؛ كالمحدث ابن أبي مسرّة – محدث مكة -، فللعُقيليّ معرفةٌ به خاصة؛إذ هو شيخه، و إذا علمنا أن ابن أبي مسرة ممن أكثر الفاكهي الرواية عنه في كتابه، فعدم وجود ما يستنكره العقيلي ومحدثو أهل مكة عامة على مرويات الفاكهي عن المكيين = لعله يشير إلى استقامة مرويات الفاكهي عنهم عامة وعن ابن أبي مسرة خاصة، وتصور ذلك يحتاج بعض تأمل!
خامسا: مما يدل على معرفة الفاكهي بالحديث وطلبه له وعنايته به: ما تضمنه كتابه من النقد لبعض الأحاديث والحكم عليها، مع التبحر و التوسع في سياق الأسانيد و المعرفة بتفاصيلها ودقائق متونها، و لك أن تتصور شخصية الرجل وأنت تنظر في كتابه وحسن سياقه للمرويات.
مثاله: ما في 3/ 160 حيث قال: حدثني أحمد بن صالح - عرضته عليه - قال: حدثني محمد بن إسماعيل القرشي المدني، قال: حدثني عبد الله بن نافع عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من مات بين الحرمين حاجا أو معتمرا بعثه الله تعالى يوم القيامة لا حساب عليه ولا عذاب .......... " إلى آخره، ثم قال: " حدثني بهذا أحمد بن صالح - وعرضته عليه في الصف الأول - وهذا حديث منكر من حديث مالك بن أنس ".
سادسا: ممن روى تاريخ مكة عن الفاكهي: ابنه المحدث عبد الله، صاحب حديث ابن أبي مسرة، وممن شاركه فيه، راجع تغليق التعليق 5/ 471 وفيه قول ابن حجر عن الكتاب: وهو كتاب نفيس في خمسة أسفار.
فهذه العلامات والقرائن والدلائل في اجتماعها لا تفرقها = تدلك على حسن حال هذا الإمام و صدقه وصدق مرويات هوالله أعلم ....
وسأنقل لكم ما لدي عن الأزرقي - إن شاء الله - إذا اتسع لي الوقت الليلة و الله الموفق.
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[26 - عز وجلec-2006, مساء 02:21]ـ
بحمد الله تيسر بعض الوقت قبل الليلة؛ و قد كتبت لكم ما كان مكتوبا لدي مع زيادات وإضافات أضفتها حال تحريره اليوم:
حال الأزرقي صاحب أخبار مكة
بادئ ذي بدء، أقول:
تاريخ مكة هو لأبي الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي، واعتمد عليه جمعٌ من أهل العلم: روايةً و تخريجًا وعزوًا ونقلاً، منهم: الخطابيُّ والنوويّ وابن تيمية وابن القيّم والمزّيّ والذّهبيّ وابن كثير والزّيلعيّ وابن حجرٍ وغيرُهم.
والأزرقيّ لقبٌ عُرِف به صاحبنا وجدُّه المحدث أحمد بن محمد، نسبة للجد الأعلى الأزرق، وكلاهما كنيته أبو الوليد، و لعل لكليهما كتابا اسمه أخبار مكة، فقد ذكر ابن عدي في «أسامي شيوخ البخاري في الصحيح» رقم 8 الجدّ أحمد بن محمد الأزرقي لكنه خلط ترجمته بآخر، وله من هذا نماذج، فقال: «أحمد بن محمد بن عون، مكي له كتاب في أخبار مكة، ويقال له: الأزرقي»
فالشاهد هاهنا نسبة كتاب في أخبار مكة له، ويمكن أن يكون الأمر كذلك، وتكونَ نواةُ وأصلُ كتاب الحفيد هي كتاب الجدّ – كما تدل على ذلك كثرة مروياته ونقوله عن جده، وأحيانا ينقل جملا طويلة من أقوال الجد!
فلعل الأصل كان للجد، فزاد عليه الحفيد زياداتٍ كثيرةً جدا من ورايته عن غير جدّه، مما جعل الشهرةَ للكتاب له لا لجده، ثم جاء من بعدهما راوي الكتاب: إسحاق بن أحمد الخزاعي، فزاد فيه أيضا.
و حاله من خلال النظر فيما وقفت عليه من أخباره و حالُ مروياته تدلُّ على أنه أقرب إلى أهل الصدق المستورين، و ذلك لعدة أسباب:
أولا: إن كتابه أخبار مكة مشهور متداول، كما تدل عليه كثرة السماعات له، تجد بعضا منها في «ذيل التقييد» للفاسي.
و مع هذا فقد سلم من أن يذكر في جميع كتب الضعفاء، وقد سبق شرح هذه القرينة في وصفنا لحال الفاكهي، فلا حاجة للإعادة.
ومثل حاله = لا أتصور خفاءها على أهل زمانه فمن بعدهم، فأين محدثو أهل مكة و نقادها عن بيان حاله لو كان واهيا أو متهما؛ كالعقيلي مثلا؟!
ثانيا: لا أعلم له حديثا منكرًا بين النكارة أو موضوعًا = رواه بسند صحيح لا علة له، يمكننا أن نلصقه به!.
¥