وغدا الثرى في حليه يتكسّرُ

فقال ابو بكر الإشبيلي:

انظرْ نسيمَ الزهر رقّ فوجههُ

لك عنأسرّته السرية يُسفرُ

وقد عارض الشاعر محمود سامي البارودي عظماء شعراء العربية لمقدرته الفائقة على مجاراتهم وقدرته على الخلق والابداع

يعتبر الشاعر الكبير أمير الشعراء أحمد شوقي المتصدر في شعر المعارضات في العصر الحديث؛ لأنّ قصائده كانت بعثاً وإحياءً لقصائد البحتري في الوصف، والمتنبي، وأبي تمام في الحماسة، والبوصيري في المدائح النبويَّة، وابن زيدون في الغزل؛ فحققت معارضاته إنجازاً وقوةً وإبداعاً له.

وقبل ان اخرج من القول في هذا الفن الجميل اود ان اذكر نوعا اخر من القصائد الشعرية هي المطارحات و التي هي قريبة من المعارضات وقد ازدهرت في مجال الأنس والسمر والشراب، من ذلك قصيدة أبينواس همزيته في وصف الخمر، والتي مطلعها:

دَعْ عنكلومي فإنّ اللومَ إغراءُ

وداوني بالتي كانت هيالداءُ

فعارضه الحسين بن الضحاك بقوله

بُدّلت من نفحات الوردِ بالآء

ومن صبوحكدرّ الإبل والشاءِ

فقد تابعه الخليع في ذكر الخمر والشعوبية. كما عارضه ابنالمعتز في قصيدة يقول فيها

أمكنت عاذلتي من صمتأباء

ما زاده النهي شيئاً غير إغراء

وقد راقت لي هذه القصائد السينية القافية اولها للبحتري ويعارضها كل من الشاعر احمد شوقي والشاعر عبد الله بلخير يعارضان فيها البحتري وشوقي كليهم احدهما بعد الاخر حيث تعتبر بحق اجمل القصائد المعارضة لبعضها في الشعر العربي لحد الان \ وهذه هي القصائد الثلاث \

1 - سينية البحتري=

وصف الشاعر العباسي البحتري إيوان كسرى في سينيته المشهورة التي تتوارد في أبياتها العظة التاريخية لهذه الدولة التي كانت ذات قوة عظيمة ثم اضمحلت واندثرت يقول فيها:

صُنتُ نَفسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفسي

وَتَرَفَّعتُ عَن جَدا كُلِّ جِبسِ

وَتَماسَكتُ حينَ زَعزَعَني الدَهر

التِماساً مِنهُ لِتَعسي وَنَكسي

بُلَغٌ مِن صُبابَةِ العَيشِ عِندي

طَفَّفَتها الأَيّامُ تَطفيفَ بَخسِ

وَبَعيدٌ مابَينَ وارِدِ رِفَهٍ

عَلَلٍ شُربُهُ وَوارِدِ خِمسِ

وَكَأَنَّ الزَمانَ أَصبَحَ مَحمولاً

هَواهُ مَعَ الأَخَسِّ الأَخَسِّ

لَو تَراهُ عَلِمتَ أَنَّ اللَيالي

جَعَلَت فيهِ مَأتَماً بَعدَ عُرسِ

وَهوَ يُنبيكَ عَن عَجائِبِ قَومٍ

لا يُشابُ البَيانُ فيهِم بِلَبسِ

وَإِذا ما رَأَيتَ صورَةَ أَنطاكِيَّة

اِرتَعتَ بَينَ رومٍ وَفُرسِ

وَالمَنايا مَواثِلٌ وَأَنوشَروان

يُزجي الصُفوفَ تَحتَ الدِرَفسِ

في اِخضِرارٍ مِنَ اللِباسِ عَلى

أَصفَرَ يَختالُ في صَبيغَةِ وَرسِ

وَعِراكُ الرِجالِ بَينَ يَدَيهِ

في خُفوتٍ مِنهُم وَإِغماضِ جَرسِ

مِن مُشيحٍ يَهوى بِعامِلِ رُمحٍ

وَمُليحٍ مِنَ السِنانِ بِتُرسِ

تَصِفُ العَينُ أَنَّهُم جِدُّ أَحياءٍ

لَهُم بَينَهُم إِشارَةُ خُرسِ

يَغتَلي فيهِم ارتيِابي حَتّى

تَتَقَرّاهُمُ يَدايَ بِلَمسِ

وَتَوَهَّمتُ أَنَّ كِسرى أَبَرويزَ

مُعاطِيَّ وَالبَلَهبَذَ أُنسي

حُلُمٌ مُطبِقٌ عَلى الشَكِّ عَيني

أَم أَمانٍ غَيَّرنَ ظَنّي وَحَدسي

وَكَأَنَّ الإيوانَ مِن عَجَبِ الصَنعَةِ

جَوبٌ في جَنبِ أَرعَنَ جِلسِ

يُتَظَنّى مِنَ الكَآبَةِ إِذ يَبدو

لِعَينَي مُصَبِّحٍ أَو مُمَسّي

مُزعَجاً بِالفِراقِ عَن أُنسِ إِلفٍ

عَزَّ أَو مُرهَقاً بِتَطليقِ عِرسِ

عَكَسَت حَظُّهُ اللَيالي وَباتَ المُشـ

تَري فيهِ وَهوَ كَوكَبُ نَحسِ

فَهوَ يُبدي تَجَلُّداً وَعَلَيه

كَلكَلٌ مِن كَلاكِلِ الدَهرِ مُرسي

لَم يَعِبهُ أَن بُزَّ مِن بُسُطِ الديباج

وَاِستَلَّ مِن سُتورِ المَقسِ

مُشمَخِّرٌ تَعلو لَهُ شُرُفاتٌ

رُفِعَت في رُؤوسِ رَضوى وَقُدسِ

لابِساتٌ مِنَ البَياضِ فَما تُبصِرُ

مِنها إِلّا غَلائِلَ بُرسِ

لَيسَ يُدرى أَصُنعُ إِنسٍ لِجِنٍّ

سَكَنوهُ أَم صُنعُ جِنٍّ لِإِنسِ

فَكَأَنّي أَرى المَراتِبَ وَالقَومَ

إِذا ما بَلَغتُ آخِرَ حِسّي

وَكَأَنَّ الوُفودَ ضاحينَ حَسرى

مِن وُقوفٍ خَلفَ الزِحامِ وَخِنسِ

وَكَأَنَّ القِيانَ وَسطَ المَقاصيرِ

يُرَجِّعنَ بَينَ حُوٍ وَلُعسِ

وَكَأَنَّ اللِقاءَ أَوَّلَ مِن أَمسِ

وَوَشكَ الفِراقِ أَوَّلَ أَمسِ

وَكَأَنَّ الَّذي يُريدُ إِتِّباعاً

طامِعٌ في لُحوقِهِم صُبحَ خَمسِ

عُمِّرَت لِلسُرورِ دَهراً فَصارَت

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015