لن يجد الإسلام من الأدب حين يخرج لَوْكًا له، على رغم نِعْمة التَّعَلُّق به، إلا ما يجد كِتابُه من تفسيره حين يخرج تكرارا له، حتى قال بعض النقاد، في أهل هذا النمط من التفسير: يمحو الواحد منهم عبارة " قرآنٌ كريمٌ "، من على غلاف المصحف، ويثبت في موضعها عبارة " تأليفُ الدكتور فلان "!

ولأمر ما قال الزمخشري:

" قَدْ فَسَّرَ النّاسُ لكِنْ لا غَناءَ بِهِ فَالْجَهْلُ كَالدّاءِ وَالْكَشّافُ كَالشّافي "!

[13] ولقد اجتمع رأي جماعة من دعاة الأدب الإسلامي، على إنشاء هيئة أدبية عالمية بعيدة من الصراعات السياسية والحزبية، تضمّ الأدباء المنتسبين إليها؛ فتوثّق أخوتهم في الكلمة الطيبة الهادفة، وترعى أدبهم، وتُجلّي مبادئه، وتُبيِّن أهدافه، وتنشره على العالم - لمّا دعاهم كما قالوا، " واجبُ الدعوة إلى الله عز وجل عن طريق الكلمة الأصيلة الملتزمة، وغربةُ الأدب الإسلامي، وسيطرةُ الأدب المزوّر على العالمين العربي والإسلامي " *.

التقوا برئاسة أبي الحسن الندْوي صاحب الدعوة الأولى - رحمه الله! - ودعوا إلى المؤتمر الأول للهيئة العامة في رحاب جامعة ندوة العلماء بمدينة لكنو الهندية، في 1406هـ=1986م، فوضعوا نظاما أساسيا، وانتخبوا مجلس أمناء، وأبا الحسن الندوي رئيسًا مدى الحياة، وأثبتوا هيئتهم بسِجِلِّ المدينة الهندية رابطةً رسمية، ثم نقلوها إلى مدينة الرياض السعودية، في 1421هـ=2000 م، بعد وفاة الندوي - رحمه الله! - وانتخبوا الدكتور عبد القدوس أبو صالح، أحد مؤسسيها، رئيساً لها.

[14] ولقد أرادوا الثلاثة عشر مرادا التالية:

" تأصيلُ الأدب الإسلامي وإبرازُ سماته في القديم والحديث. إرساءُ قواعد النقد الأدبي الإسلامي. صياغةُ نظرية متكاملة للأدب الإسلامي. وضعُ مناهج إسلامية للفنون الأدبية الحديثة. إعادةُ كتابة تاريخ الأدب الإسلامي في آداب الشعوب الإسلامية. جمعُ الأعمال الأدبية الإسلامية المتميزة، ونقلُها إلى لغات الشعوب الإسلامية وغيرها من اللغات العالمية. العنايةُ بأدب الأطفال. نقدُ المذاهب الأدبية المنحرفة، وإيضاحُ سلبياتها. تعزيزُ عالمية الأدب الإسلامي. توثيقُ الصلات بين الأدباء الإسلاميين، وإقامةُ التعاون بينهم، وجمعُ كلمتهم على الحق وفق منهج الحكمة والاعتدال. إسهامُ الأدب الإسلامي في تنشئة الأجيال المؤمنة، وصياغةِ الشخصية الإسلامية المعتزة بدينها القويم وتراثها العظيم. تيسيرُ وسائل النشر لأعضاء الرابطة. الدفاعُ عن الحقوق الأدبية للرابطة وأعضائها " *.

[15] وانطلقوا إلى نيل تلك المرادات من المبادئ الستة عشر التالية، التي تتضمن ما يمكن أن يعد خصائص الأدب الإسلامي الذي أرادوا:

" الأدبُ الإسلامي هو التعبير الفني الهادف عن الإنسان والحياة والكون وفق التصور الإسلامي. الأدبُ الإسلامي ريادة للأمة، ومسؤولية أمام الله عز وجل. الأدبُ الإسلامي أدب ملتزم، والتزامُ الأديب فيه التزام عفوي نابع من التزامه بالعقيدة الإسلامية، ورسالته جزء من رسالة الإسلام العظيم. الأدبُ طريق مهم من طرق بناء الإنسان الصالح والمجتمع الصالح، وأداةٌ من أدوات الدعوة إلى الله عزّ وجلّ والدفاع عن الشخصية الإسلامية. الأدبُ الإسلامي مسؤول عن الإسهام في إنقاذ الأمة الإسلامية من محنتها المعاصرة، والأدباءُ الإسلاميون أصحاب ريادة في ذلك. الأدبُ الإسلامي حقيقة منذ انبلج فجر الإسلام، وهو يستمد عطاءه من مشكاة الوحي وهَدْي النبوة، ويمتد عبر العصور إلى عصرنا الحاضر ليسهم في الدعوة إلى الله عز وجل، ومحاربة أعداء الإسلام والمنحرفين عنه. الأدبُ الإسلامي هو أدب الشعوب الإسلامية على اختلاف أجناسها ولغاتها، وخصائصُه هي الخصائص الفنية المشتركة بين آداب الشعوب الإسلامية كلها. يقدم التصور الإسلامي للإنسان والحياة والكون - كما نجده في الأدب الإسلامي - أصولا لنظرية متكاملة في الأدب والنقد، وملامح هذه النظرية موجودة في النتاج الأدبي الإسلامي الممتد عبر القرون المتوالية. يرفض الأدب الإسلامي أية محاولة لقطع الصلة بين الأدب القديم والأدب الحديث بدعوى التطور أو الحداثة أو المعاصَرة، ويرى أن الحديث مرتبط بجذوره القديمة. يرفض الأدب الإسلامي النظريات والمذاهب الأدبية

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015