تُسْتَغْضَبُونَ فَلا يَبْدُو لَكُمْ غَضَبُ
أَلِفْتُمُ الْهَوْنَ حَتَّى صَارَ عِنْدَكُمُ طَبْعَاً
وَبَعْضُ طِبَاعِ الْمَرْءِ مُكْتَسَبُ
وَفَارَقَتْكُمْ لِطُولِ الذُّلِّ نَخْوَتُكُمْ
فَلَيْسَ يُؤْلِمُكُمْ خَسْفٌ وَلا عَطَبُ
لِلّهِ صَبْرُكُمُ لَوْ أَنَّ صَبْرَكُمُ
فِي مُلْتَقَى الْخَيْلِ حِينَ الْخَيْلُ تَضْطَرِبُ
كَمْ بَيْنَ صَبْرٍ غَدَا لِلذُّلِّ مُجْتَلِبَاً
وَبَيْنَ صَبْرٍ غَدَا لِلعِزِّ يَجْتَلِبُ
فَشَمِّرُوا وَانْهَضُوا لِلأَمْرِ وَابْتَدِرُوا
مِنْ دَهْرِكُمْ فُرْصَةً ضَنَّتْ بِهَا الحِقَبُ
لا تَبْتَغُوا بِالْمُنَى فَوْزَاً لأَنْفُسِكُمْ
لا يُصْدَقُ الفَوْزُ مَا لَمْ يُصْدَقُ الطَّلَبُ
خَلُّوا التَّعَصُّبَ عَنْكُمْ وَاسْتَوُوا عُصَبَاً
عَلَى الوِئَامِ وَدَفْعِ الظُّلْمِ تَعْتَصِبُ
لأَنْتُمُ الفِئَةَُ الكُثْرَى وَكَمْ فِئَةٍ
قَلِيلَةٍ تَمَّ إِذْ ضَمَّتْ لَهَا الغَلَبُ
هَذَا الذِي قَد رَمَى بِالضَّعْفِ قُوَّتَكُمْ
وَغَادَرَ الشَّمْلَ مِنْكُمْ وَهْوَ مُنْشَعِبُ
وَسَلَّطَ الجَوْرَ فِي أَقْطَارِكُمْ فَغَدَتْ
وَأَرْضُهَا دُونَ أَقْطَارِ الْمَلا خِرَبُ
وَحُكِّمَ العِلْجُ فِيكُمْ مَعْ مَهَانَتِهِ
يَقْتَادُكُمْ لِهَوَاهُ حَيْثُ يَنْقَلِبُ
مِنْ كُلِّ وَغْدٍ زَنِيمٍ مَا لَهُ نَسَبٌ
يُدْرَى، وَلَيْسَ لَهُ دِينٌ وَلا أَدَبُ
وَكُلِّ ذِي خَنَثٍ فِي الفَحْشِ مُنْغَمِسٍ
يَزْدَادُ بِالْحَكِّ فِي وَجْعَائِهِ الجَرَبُ
سِلاحُهُمْ فِي وُجُوهِ الخَصْمِ مَكْرُهُمُ
وَخَيْرُ جُنْدهُمُ التَّدْلِيسُ وَالْكَذِبُ
لا يَسْتَقِيم لَهُمْ عَهْدٌ إِذَا عَقَدُوا
وَلا يَصِحَّ لَهُمْ وَعْدٌ إِذَا ضَرَبُوا
إِذَا طَلَبْتَ إِلَى وُدٍّ لَهُمْ سَبَبَاً
فَمَا إِلَى وُدِّهِمْ غَيْر الْخُنَى سَبَبُ
وَالْحَقُّ وَالبُطْلُ فِي مِيزَانِهِمْ شُرَعٌ
فَلا يَمِيل سِوَى مَا مَيَّلَ الذَّهَبُ
أَعْنَاقُكُمْ لَهُمْ رِقٌّ وَمَالُكُمُ
بَيْنَ الدُّمَى وَالطِّلا وَالنَّرْدِ مُنْتَهَبُ
بَاتَتْ سِمَانُ نِعَاجٍ بَيْنَ أَذْرُعِكُمْ
وَبَاتَ غَيْرُكُمُ لِلدَرِّ يَحْتَلِبُ
فَصَاحِبُ الأَرْضِ مِنْكُمْ ضِمْنَ ضَيْعَتِهِ
مُسْتَخْدَمٌ وَرَبِيبُ الدَّارِ مُغْتَرِبُ
وَمَا دِمَاؤُكُمُ أَغْلَى إِذَا سُفِكَتْ
مِنْ مَاءِ وَجْهٍ لَهُمْ فِي الفَحْشِ يَنْسَكِبُ
وَلَيْسَ أَعْرَاضُكُمْ أَغْلَى إِذَا انْتُهِكَتْ
مِنْ عرْضِ مَمْلُوكِهِمْ بِالفِلْسِ يُجْتَلَبُ
بِاللهِ يَا قَوْمَنَا هُبُّوا لِشَأْنِكُمُ
فَكَمْ تُنَادِيكُمُ الأَشْعَارُ وَالْخُطَبُ
أَلَسْتُمُ مَنْ سَطَوا في الأَرْضِ وَافْتَتَحُوا
شَرْقَاً وَغَرْبَاً وَعَزّوا أَيْنَمَا ذَهَبُوا
وَمَنْ أَذّلُّوا الْمُلُوكَ الصِّيدَ فَارْتَعَدَتْ
وَزَلْزَلَ الأَرْضَ مِمَّا تَحْتَهَا الرَّهَبُ
وَمَنْ بَنوا لِصُرُوحِ العِزِّ أَعْمِدَةً
تَهْوِي الصَّوَاعِقُ عَنْها وَهْيَ تَنْقَلِبُ
فَمَا لَكُم وَيْحَكُم أَصْبَحْتُمُ هَمَلاً
وَوَجْهُ عِزِّكُمُ بِالْهَوْنِ مُنْتَقِبُ
لا دَوْلَةٌ لَكُمُ يَشْتَدُّ أَزْرَكُمُ
بِهَا، وَلا نَاصِرٌ لِلْخَطِبِ يُنْتَدَبُ
وَلَيْسَ مِنْ حُرْمَةٍ أَوْ رَحْمَةٍ لَكُمُ
تَحْنُو عَلَيْكُم إِذَا عَضَّتْكُمْ النُّوَبُ
أَقْدَاركُم في عُيُونِ التُّرْكِ نَازِلَةٌ
وَحَقُّكُم بَيْنَ أَيْدِي التُّرْكِ مُغتَصَبُ
فَلَيْسَ يُدْرَى لَكُمْ شَأْنٌ وَلا شَرَفٌ
وَلا وُجُودٌ وَلا اسْمٌ وَلا لَقَبُ
فَيَا لِقَوْمِي وَمَا قَوْمِي سِوَى عَرَب
وَلَنْ يُضَيَّعَ فِيْهُم ذَلِكَ النَّسَبُ
هبْ أَنَّهُ لَيْسَ فِيكُم أَهْلُ مَنْزِلَةٍ
يُقَلَّد الأَمْرَ أَوْ تُعْطَى لَهُ الرُّتَبُ
وَلَيْسَ فِيكُمْ أَخُو حَزْمٍ وَمَخْبَرَةٍ
لِلْعَقْدِ وَالْحَلِّ في الأَحْكَامِ يُنْتَخَبُ
وَلَيْسَ فِيكُمْ أَخُو عِلْمٍ يُحَكَّمُ في
فَصْلِ القَضَاءِ وَمِنْكُمْ جَاءَتِ الكُتُبُ
وَلَيْسَ فِيكُمْ فِيكُم دَمٌ يَهْتَاجُهُ أَنَفٌ
يَوْمَاً فَيَدْفَعَ هَذَا العَارَ إذْ يَثِبُ
فَاسْمِعُوني صَلِيلَ البِيضِ بَارِقَةً
في النَّقْعِ إِنِّي إلِى رَنَّاتِهَا طَرِبُ
وَأَسْمِعُونِي صَدَى البَارُودِ مُنْطَلِقَاً
يُدَوِّي بِهِ كُلُّ قَاعٍ حِينَ يَصْطَخِبُ
لَمْ يَبْقَ عِنْدَكُمُ شَيءٌ يُضَنُّ بِهِ
غَيرَ النُّفُوسِ عَلَيْهَا الذُّلُّ يَنْسَحِبُ
فَبَادِرُوا الْمَوْتَ وَاسْتَغْنُوا بِرَاحَتِهِ
عَنْ عَيْشِ مَنْ مَاتَ مَوْتَاً مُلْؤُهُ تَعَبُ
صَبْرَاً هَيَا أُمَّةَ التُرْكِ التِي ظَلَمَتْ
دَهْرَاً فَعَمَّا قَليِلٍ تُرْفَعُ الحُجُبُ
لنَطْلُبنّ بِحَدِّ السَّيْفِ مَأْرَبَنَا
فَلَنْ يَخِيبَ لَنَا فِي جَنْبِهِ أَرَبُ
وَنَتْرُكَنَّ عُلُوجَ التُّرْكِ تَنْدُبُ مَا
قَدْ قَدَّمَتْهُ أَيَادِيهَا وَتَنْتَحِبُ
وَمَنْ يَعِشْ يَرَ وَالأَيَّامُ مُقْبِلَة
يَلُوحُ لِلْمَرْءِ فِي أَحْدَاثِهَا العَجَبُ
* * *
---------------------------------------------------
¥