(بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ) يرد بهذا على المشركين الذين قالوا في القرآن إنه سحر و شعر و أساطير الأولين فقال: ليس هو كما قالوا و ادّعوا و إنما هو قرآن مجيد بالغ الغاية في المجد و الشرف و السمو و العلو في ألفاظه و معانيه , و ما يحمل من هدي و تشريع و أنه في مناعته لا تصل إليه أيدي الخلق بالتحريف و التبديل إذ هو في لوح محفوظ من التغيير و الزيادة و النقص , محفوظ من الشياطين فلا تمسه و لا تقربه , و هذا يدل على جلالة القرآن و جزالته , و رفعة قدره عند الله تعالى.

و اللوح المحفوظ هو الذي أثبت الله فيه كل شيء , و هو في الملأ الأعلى.

ـ[عبدالحي]ــــــــ[27 - Mar-2008, مساء 04:13]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

تفسير سورة الإنشقاق

و تسمى كذلك سورة إذا السماء انشقت , و هي مكية و آياتها خمس و عشرون آية.

يقول تعالى مبينا لما يكون في يوم القيامة من تغيير الأجرام العظام:

(إذا السماء انشقت) أي انصدعت و تقطعت , و تمايز بعضها من بعض , و انتثرت نجومها , و خسف بشمسها و قمرها.

(و أذنت لربّها) أي: استمعت لربها و أطاعت أمره فيما أمرها به من الإنشقاق.

(و حقّت) أي: و حق لها أن تطيع أمره , لأنه العظيم الذي لا يُمَانَع و لا يغالب , بل قد قهر كل شيء و ذل له كلّ شيء.

(و إذا الأرض مدت) أي بُسطت ووسعت و جعلت مستوية , و ذلك بنسف جبالها و آكامها , حتى صارت تسع أهل الموقف على كثرتهم.

(و ألقت ما فيها) أي ما في جوفها من الكنوز و الأموات.

(و تخلّت) حتى لم يبق شيء في باطنها.

(و أذنت لربّها و حقّت) أي: انقادت له في التخلية , و حق لها ذلك , و إعادة الآية للتنبيه على أن ذلك تحت سلطان الجلال الإلهيّ و قهره و مشيئته.

(يا أيها الإنسان إنّك كادح إلى ربّك كدحا فملاقيه) قال ابن جرير: " أي إنك عامل إلى ربك عملا فملاقيه به , خيرا كان أو شرا ". ثم تلاقي الله يوم القيامة , فلاتعدم منه جزاء بالفضل إن كنت سعيدا , أو بالعدل إن كنت شقيا. و لهذا ذكر تفصيل الجزاء بعد هذه الآية. و المعنى المراد به في الآية: فليكن عملك مما ينجيك من سخطه , و يوجب لك رضاه , و لا يكن مما يسخطه عليك فتهلك.

(فأما من أوتي كتابه بيمينه) و هم من آمن و عمل صالحا و اتصف بما وصف به الأبرار , في غير ما آية.

(فسوف يحاسب حسابا يسيرا) قال ابن جرير: بأن ينظر في أعماله فيغفر له سيئها و يجازي على حسنها. فعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول في بعض صلاته: " اللهم حاسبني حسابا يسيرا ". فلما انصرف قلت: يا رسول الله , ما الحساب اليسير؟ قال: " أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه , إنه من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ هلَك " قال ابن كثير صحيح على شرط مسلم. " قلت (عبد الحي): قال الشيخ شعيب الأرنؤوط و رفاقه في تحقيق مسند الإمام أحمد حديث صحيح دون قوله: سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول في صلاته اللهم حاسبني حسابا يسيرا (24215/ 40) ".

و عنها أيضا قالت: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " من نوقش الحساب عذب " قالت: فقلت: أليس قال الله: " فسوف يحاسب حسابا يسيرا " قال: " ليس ذاك الحساب , و لكن ذلك العَرْض , من نوقش الحساب يوم القيامة عذب " رواه البخاري و مسلم.

(و ينقلب إلى أهله مسرورا) و يرجع إلى أهله – و هم الحور العين و النساء المؤمنات و الذرية الصالحة , أو قومه ممن يجانسه و يقارنه من أصحاب اليمين – فرحان مغتبطا بما أعطاه الله عز و جل.

(و أما من أوتي كتابه وراء ظهره) أي: أعطي كتاب عمله بشماله – حيث تغل اليمنى مع عنقه – من وراء ظهره , و هو على هيئة المغضوب عليه.

(فسوف يدعو ثبورا) أي يُنادي بالهلاك – و هو أن يقول: واثبوراه! و واويلاه! – من الخزي و الفضيحة , و ما يجد في كتابه من الأعمال التي قدمها و لم يتب منها.

(و يصلى سعيرا) أي يدخل نارا مستعرة شديدة الإلتهاب تحيط به من كل جانب و يقلب على عذابها حتى ينضح فيها لحمه المرة بعد المرة و أبداً و العياذ بالله.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015