ـ[منصور مهران]ــــــــ[31 - May-2010, مساء 12:11]ـ

ذكرتُ لها مرة مناهج الكاتبين عما يذكرونه لا عن مذكراتهم، فكان جوابها المتكرر: وما يخص القارئ من هذا، حتى اهتديت إلى منهج غير مسبوق فقلت: وهذا رجل يعنيه من التذكُّر أن يؤرخ لأفكاره وكيف ارتقت مرارا واندثرت أحيانا، واختلت نادرا، فجمعها وجعل لها اسما غير مألوف حيث أسماها (عندما كنتُ) فاجتنب بذلك تحديدها بمكانٍ أو زمانٍ وترك للقارئ رحبة من الفكر لينظر كيف مضى أخونا بأفكاره التي طرحتها عليه السنون فلا يزال يحملها على ظهره بينما يسير في دروب الزمن وميادينه، وكلما ابتغى التخفيف من بعضها بالنسيان أو التناسي كادت له وتحايلت حتى توقعه فيما يجدد الفكرة الواحدة بمتعلقاتٍ لها تتداعى عليه في غير هوادة فلا هو نسِي منها شيئا ولا هي استكانت في زاوية خَرِبَة من زوايا الذاكرة المتسربلة بثوب العقد السابع، فترى المسكين ينوء بثقل على ثقل والحَبَالى من لياليه يَلِدْنَ له في كل تهويمة وانتباهة ابتسامة وأحيانا ضحكة ساخرة وكثيرا ما يتمخضن عن دمعة على فراق صديق أو حبيب أو قريب، فهي أخلاطٌ لا يَتَبَيَّنُ بينها وشائج: منها فكرة يتلمس بها فهم آية من كتاب ربه، ومنها حديث نبوي ترددت أنفاسه خوفا وطمعا قبل أن يخوض في معناه، وأحيانا يشطح في بيت من الشعر وافاه من المعنى مثل الذي يفهمه طفل لا يميز، بينما خطر له شرح فات شروح الأصمعي وثعلب ولم يفت أشياخنا المعاصرين فهم آباء بجدتها.

ومنها دعابة لا ينقضي معها الضحك، ومنها تاريخ عشناه لحادثة مشهودة ومنها خبر من أعاجيب الساسة ظل مستورا حتى كشفت عنه الدوائر المختصة ومنها .. ومنها .. مما لست أذكره أو يذكره أخونا لأنوب عنه فأتولى روايته على مضض.

قالت: لقد عهدتك تروي أفكارا لا أعرف مَن صاحبها أنت، أم همو؟

فلِمَ لا تجعل ما يعنيك منها في اهتمامك، وما لا في جعبة نسيانك؟

قلت: في مجموع ذلك كله عاشت روحي ولا يستطيع امرؤ أن يمزق روحه لكيلا يهلك أسىً إذا فعل وهو غافل لا يكاد يفيق.

وعلى كل حال دعيني الآن للصلاة ولبعض شأني ولعلي أعود لإكمال الحوار.

ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[31 - May-2010, مساء 12:42]ـ

وإن لم يُعد حزمًا فما هو؟

أمن الحزم فقط سوء الظن بالنفس في حسن التصرف بالمال؟ إلى حد (الوسوسة)!

لا شك أن من ابتلي بطرفٍ من سوء الخلق يعذر نفسه بمثل هذا ويُلقِي باللَّائمة على مخالفه .. فهو يراه مسرفا مبذرا .. لا يعرف قدرا لمال.

أما كون هذا (بابا آخر) غير البخل فليس بصحيح .. قد يكون من البخل، (وقد يكون من الوسوسة في الحزم مع الناس .. ثم هذه الوسوسة مردها إلى البخل!)

بارك الله فيك ..

أما إنه قد يكون بخلاً = فهذا لا نزاع فيه ..

أما إنه إن كان وسوسة أو تطرفاً أو مبالغة في سوء الظن ورده بعد ذلك إلى البخل=فهذا غير صحيح ..

وقد عايشت التجار وولدت بينهم فوجدت الواحد منهم يشح بالدرهم على تاجر مثله، ويسرف في سوء الظن بأترابه وعملائه إسرافاً شديداً ثم إذا نزعته من وسط سوقه = رأيته من أكرم الناس وأسخاهم ..

وإنما سوء الظن الأول خلق من أخلاق التجارة يتوارثونه ويتفاوتون فيه.

وإنما يدخل الخطأ في فقه الأخلاق الحسنة والسيئة من الولع بإدخال بعضها في بعض وردها لأصول تزيد وتنقص ..

والنهج في ذلك أن يدقق الفقيه في الفروق بينها ويتبصر بمحالها ولا يكون ذلك إلا بتأمل أحوال الناس وتقاسيم أخلاقهم وطبائعهم واختلاف ألوانهم وطرح التقاسيم النظرية،وهجر الولع برد الأخلاق إلى بعضها ..

دمت موفقاً ..

ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[31 - May-2010, مساء 01:22]ـ

/// حال الرجل الذي أتكلم عنه غير من تتكلم عنهم .. لذا فقد أسهبتَ (ولعًا في الشرح) في تعقيبك السابق! فأنت تتكلم في وادي التُّجَّار وأنا مع عامي بخيل في وادٍ آخر لا علاقة له بهم ..

/// وأما كون الوسوسة وسوء الظن عند التعامل بالدراهم والدنانير إحدى ملامح البُخل عند أهله (على الوجه الذي ذكرته!) فهذا وجهٌ صحيحٌ، ونفيه منك في هذا السياق غير صحيح .. أوبإطلاق فما هذا؟

/// وفلسفة الأخلاق (حسنها وسيئها) والفصل بين بعضها عن بعض أمرٌ معروف مطروق .. ولكن الإشكال في فقهها في تصوُّر الصفة على أنها كتلةٍ واحدة، تزول بكلها أوتبقى كلها، أوتكون في حال وتنفى في حال.

/// ومن هذه الفلسفة أنَّ البُخْل (المذموم) وملامحه ودرجاته تتغير ويتفاوت أهله فيه .. فمن يبخل في حالٍ دون حالٍ، ومن يبخل على أهله ويجود عند غيرهم، ومن بالعكس، ومن يبخل على غيره (مهما كان) دون نفسه، ومن يبخل على كل أحدٍ، حتى على نفسه .. والجامع أنَّه يضن بماله بوجهٍ من الوجوه

لا أنه حازم ماهر جيد التصرف في التعامل مع شؤونه ومنها ماله ..

/// ومثل هذا الشرح لا أرى له وجهًا ههنا .. بُوْركت مسددًا ..

ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[31 - May-2010, مساء 01:44]ـ

لا نزاع أن لو كان معك من معرفة الرجل ما يرجح كون هذا بخلاً = أن هذا يقطع الاحتمال ..

أما عد مطلق الضن بالمال من البخل فليس صواباً بمرة ..

والرجل يضن بماله بوجه من الوجوه لعلل ومن العلل اختلاف الأماكن والأزمان والأشخاص فلا يكون ذلك بخلاً ..

ولا أظنك تلتزم جعل الضن بالمال لحال وعلة وموطن وزمان وشخص = بخلاً ..

واختلاط معنى البخل والمراد به واختلاط معنى الخلق المعين والمراد به هو نفسه ما يوقع الناس في خطأ إدخال بعض الأخلاق في بعض ..

والخلق لم أقل إنه لا يوجد سوى كتلة ولا يزول سوى كتلة وليس في كلامي شبهة من ذلك بل الخلق شعب توجد وتفوت ولكن الشأن في ضبط مناط الشعبة وصفتها لا توهم أن تلك شعبة من خلق وليست شعبة منه ولا يتوفر فيها مناط الخلق المدعى ..

وسهل على جل الناس ملاحظة موطن الشبه الجامع ولكن الصعب هو البصر بموضع الفرق المانع ..

بارك الله فيك يا سيدنا ..

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015