ولنضرب مثالاً يفهمه كل مسلم فنقول: غاية وجود الإنسان عبادة الله سبحانه وتعالى: ?وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ?، فإذا أهملت هذه الغاية أي لم يعبد الإنسان ربه إما تخلى عن العبادة بالكلية أو عبد غير الله، فإن وجوده حينئذٍ يصبح لا معنى له ولا تبرير له على الإطلاق.

وهذا الغاية والهدف دائم ما دامت الحياة، فهو من الثوابت التي لا يطرأ عليها التغيير أبداً ? وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ?.

ولو أردنا أن نطبق هذا في عالم الأعمال فقلنا مثلاً: إن مجموعة من الناس أنشأوا شركة لممارسة عمل من الأعمال فلابدَّ أن يكون في أذهانهم وبصورة واضحة هدفاً وغاية ثابتة دائمة بدوام الشركة، وهذا الهدف لو افترضنا أن الشركة استمرت 50 عاماً لا يجوز أن يكون مدة تحققه عشر سنوات فقط وبعدها يبحث عن هدف آخر غيره؛ لأنه يصبح حينئذٍ من المتغيرات لا من الثوابت والغايات الثابتة يجب أن تكون المرشد الدائم لكل من يعمل في الشركة مثل النجم القطبي للمسافر نحو الشمال يراه دائماً أمامه مهما تواصل سيره والغاية الثابتة الدائمة لأي عمل هي التي تربط أجزاء المؤسسة مع بعضها وتوحد العاملين فيها في سيرهم لتحقيق تلك الغايات والأهداف.

وهي غايات وأهداف متجددة بمعنى أنها مستمرة ويجب كما قلت قبل أن تكون محدودة العدد؛ لأن الكثرة من علامات التغير، وفي عالم الأعمال قد لا تتجاوز هذه الغايات أربع غايات وقل أن تصل إلى ست.

وعلى هذا فيجب التفريق بين الغايات الجوهرية الدائمة والخبرات العملية والخطط والسياسات العامة في العمل.

إن الغايات الثابتة يجب أن تقاوم اختيارات الزمن ويجب أن تطرح السؤال الآتي على كل غاية تحددها لعملك: هل يُمكن أن أتخلى عن هذه الغاية في يوم من الأيام مع استمرار العمل؟

إن كانت الإجابة بنعم، فانقل هذه الغاية أو ذلك الهدف من سلم الثوابت إلى إطار المتغيرات القابلة للتطوير والتغيير، إن إحدى الطرق المتبعة لمعرفة الغاية أو الهدف الجوهري لمؤسستك أو عملك هي وصف عملك ثم السؤال بعد ذلك بكلمة لماذا، ثم السؤال أيضاً بعد الإجابة وتكرار ذلك خمس مرات.

فمثلاً يُمكن أن تقول: نحن في الشركة عملنا خدمة العملاء في مجال نظافة منازلهم لماذا؟ للمساهمة في الصحة العامة. لماذا؟ لزيادة الرقي الحضاري للأمة. لماذا؟ لزيادة قوتها وفاعليتها في الحياة. لماذا؟ لإسعاد البشرية. لماذا؟ لننال رضوان الله.

إذاً يُمكنك أن تقول: الهدف الجوهري لنا هو أن ننال رضوان الله من خلال الأعمال المشار إليها في الإجابات السابقة، أو يُمكن أن تقول: مؤسستنا تقوم بأعمال التدريب والتأهيل في مجال الحاسوب (الكمبيوتر) لماذا؟ لإعداد أفراد المجتمع للاستفادة من منتجات المدينة المعاصرة. لماذا؟ لنساهم في زيادة قوة الأمة. لماذا؟ لئلا يهيمن عليها أعداؤها. لماذا؟ في زيادة قوة الأمة. لماذا؟ لئلا يهيمن عليها أعداؤها. لماذا؟ لنعيش أحراراً. لماذا؟ لنحصل على السعادة. إذاً يُمكن أن يكون الهدف الجوهري للمؤسسة هو البحث عن السعادة للناس.

وعلى هذا فأنت ترى أن زيادة المال لا يصلح أن يكون هدفاً جوهرياً دائماً؛ لأن حقيقة المال أنه وسيلة لا غاية، وعندما تكون الغاية سليمة وصحيحة فقد تكسب المال وقد تنفقه في سبيل الوصول لهذه الغاية.

والغاية الثابتة الجوهرية هي مصدر الإلهام والإرشاد للعاملين وليست علامة تميز للمؤسسة، فقد يشاركك في الهدف النهائي الكثير من المؤسسات ولكن بوسائل أخرى، وإنما يكون التميُّز في الصدق والتضحية في سبيل تحقيق الهدف الجوهري الثابت.

ومن فوائد تحديد الهدف الثابت للمؤسسة بوضوح أنها تجذب للعمل في المؤسسة من تتطابق قيمهم وتطلعاتهم الشخصية مع هذا الهدف الثابت الجوهري وتضطر من تختلف قيمهم وأهدافهم الشخصية مع أهداف المؤسسة إلى تركها والبحث عن غيرها.

الأهداف والغايات المرحلية:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015