و لما كانت ليلة القدر تعدل عبادتها عبادة ألف شهر , ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " من قام ليلة القدر إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه ".

(تنزّل الملائكة و الروح فيها بإذن ربّهم) أي يكثر تنزّل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها , و الملائكة يتنزلون مع تنزل البركة و الرحمة , كما يتنزلون عند تلاوة القرآن و يحيطون بحلق الذكر , و يضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيما له. و أما الروح فقيل: المراد به هاهنا جبريل عليه السلام , فيكون من باب عطف الخاص على العام , و قيل: هم ضرب من الملائكة. كما تقدم في سورة النبأ , و الله أعلم.

(من كل أمر) قال قتادة و غيره: تقضى فيها الأمور , و تقدر الآجال و الأرزاق , كما قال تعالى " فيها يُفرق كل أمر حكيم ".

(سلام هي حتى مطلع الفجر) أي سالمة من كل آفة و شر , إذ هي كلها خير من غروب الشمس إلى طلوع فجرها إنها كلها سلام , سلام الملائكة على العابدين من المؤمنين و المؤمنات و سلامة من كل شر. و الحمد لله الذي جعلنا من أهلها.

و من تحرى ليلة القدر فليتحرها في الوتر من العشر الأواخر , قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " تحرّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان " رواه البخاري و مسلم , و اللفظ للبخاري.

و قالت عائشة رضي الله عنها " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا دخل العشر , أحيا الليل , و أيقظ أهله , و شد المئزر " رواه البخاري و مسلم , و لمسلم عنها " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيره ".

و ليجعل دعاءه " اللهم إنّك عفو تحب العفو فاعف عني " لما رواه الإمام أحمد عن عائشة قالت: يا رسول الله , إن وافقت ليلة القدر فما أدعو؟ قال: قولي " اللهم إنّك عفو تحب العفو فاعف عني " صححه الألباني.

و ليلة القدر هذه باقية في كل سنة إلى قيام الساعة.

ـ[عبدالحي]ــــــــ[14 - Jan-2008, مساء 10:29]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تفسير سورة العلق

مكية و آياتها تسع عشرة آية

(إقرأ باسم ربك الذي خلق , خلق الإنسان من علق , إقرأ و ربك الأكرم الذي علم بالقلم , علّم الإنسان ما لم يعلم)

عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت (كان أوّل ما بُدئ به رسول الله صلى الله عليه و سلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم , فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح , ثمّ حبب إليه الخلاء فكان يخلو بغار حراء يتحنّث فيه الليالي أولات العدد , قبل أن يرجع إلى أهله , و يتزوّد لذلك , ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها , حتى فَجَئَهُ الحق و هو في غار حراء , فجاءه الملك فقال: إقرأ. قال ما أنا بقارئ , قال فأخذني فغطّني حتى بلغ مني الجَهد. ثم أرسلني فقال: إقرأ. قال قلت: ما أنا بقارئ. قال فأخذني فغطّني الثانية حتى بلغ منّي الجهد , ثم أرسلني فقال: إقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطّني الثالثة حتى بلغ منّي الجهد. ثم أرسلني فقال: " إقرأ باسم ربك الذي خلق , خلق الإنسان من علق , إقرأ و ربك الأكرم الذي علم بالقلم , علّم الإنسان ما لم يعلم " فرجع بها رسول الله صلى الله عليه و سلم ترجف بوادره ... ) رواه البخاري و مسلم و غيرهما و اللفظ لمسلم. فأول شيء نزل من القرآن الكريم هذه الآيات الكريمات المباركات , و هنّ أول رحمة رحم الله بها العباد , و أول نعمة أنعم الله بها عليهم.

(إقرأ باسم ربك) يأمر الله تعالى رسوله أن يقرأ بادئا قراءته بذكر اسم ربّه أي باسم الله الرحمن الرحيم.

(الذي خلق) أي خلق الخلق كله و خلق آدم من طين. قال أبو سعود: ووصف الرب بقوله تعالى " الذي خلق " لتذكير أول النعماء الفائضة عليه الصلاة و السلام منه تعالى , و التنبيه على أن من قدر على خلق الإنسان على ما هو عليه من الحياة و ما يتبعها من الكمالات العلمية و العملية , من مادة لم تشم رائحة الحياة فضلا عن سائر الكمالات , قادر على تعليم القراءة للحيّ العالم المتكلم.

(خلق الإنسان من علق)

" خلق الإنسان " من أولاد آدم عليه السلام.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015