ومنه قوله تعالى: {قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ} (البقرة: 68) فالفاء في قوله (فافعلوا) هي الفاء الفصيحة وموقعها هنا موقع قطع القدر مع الحثّ على الامتثال، والمعنى: فبادروا إلى ما
أمرتم به وهو ذبح البقرة (38).
أما قوله تعالى: {قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} (البقرة:71) فعطفت الفاء الفصيحة جملة (فذبحوها) على مقدر معلوم وهو (فوجدوها) أو (فظفروا بها) (39)
ولا تعد الفاء فصيحة إلا إذا لم يستقم عطف ما بعدها على ما قبلها، فإذا استقام فهي الفاء العاطفة.
2 ـ الفاء الرابطة لخبر المبتدأ
يرتبط الخبر بالمبتدأ ارتباطا معنويا قويا،ويزداد قوة ببعض الروابط اللفظية الخاصة، كالضمير العائد على المبتدأ من الخبر، ولهذا كان الغالب على الخبر أن يكتفي بتلك الروابط، وأن يخلو من الفاء التي تستخدم للربط بين بعض الأساليب نحو:الصدق تاج الفضائل، النظافة وقاية من المرض.
ومن الألفاظ التي ليست خبرا ولكنها تحتاج أحيانا إلى الفاء الرابطة بينها وبين ما سبقها، (جواب اسم الشرط المبهم الدال على العموم) نحو (من يعمل خيرا فجزاؤه خير)،فـ (من) اسم شرط مبهم يدل على العموم، وبعده فعل الشرط (يعمل) الدال على المستقبل بعده جملة اسمية (فجزاؤه خير) وهي جواب الشرط،وقد اقترنت بالفاء فربطت بينها وبين جملة الشرط فدل هذا الارتباط على اتصال معنوي بين الجملتين، ولولا الفاء الرابطة لكان الكلام جملا مفككة.ونحو هذا كل أسماء الشرط الدالة على الإبهام، ولها جملة شرطية مقترنة بالفاء.
شروط الخبر المقترن بالفاء
قد يقترن الخبر بالفاء وجوبا في صورة واحدة، وجوازا في عدة صور إذا كان الخبر في الحالتين شبيها بجواب الشرط وذلك بأن يكون الكلام قبله مستقبل الزمن، خاليا من أداة الشرط، وفي صدر الكلام مبتدأ يشتمل غالبا على العموم والإبهام نحو قولك: (الذي يصادقني فمحترم) فـ (الذي) دال على العموم والإبهام وبعده كلام مستقبل معنى وهو (يصادقني) له نتيجة مترتبة على حصوله وتحققه وهي الخبر (محترم)، وقد دخلت الفاء على الخبر لشبهه بجواب الشرط في أمور
ثلاثة هي:
1ـ وجود مبتدأ دال على الإبهام والعموم، كما يدل اسم الشرطعلى الإبهام والعموم.
2 ـ وجود كلام بعد المبتدأ مجرد من أداة الشرط، مستقبل المعنى في الأغلب، كوجود جملة الشرط بعد أداة الشرط.
3 ـ ترتيب الخبر على الكلام السابق عليه؛ كترتيب جواب الشرط على جملة الشرط، وهكذا تقترن الفاء بالخبر إذا تحققت فيه الأمور الثلاثة، سواء أكان الخبر
مفردا أم جملة أم شبه جملة، ومشابهته لجواب الشرط، وخلو الكلام من أداة الشرط بعد المبتدأ، لكيلا يلتبس الخبر بجواب الشرط، فإذا اقترن الخبر بالفاء وجب تأخيره عن المبتدأ فإن تقدم وجب حذف الفاء
مواضع اقتران الخبر بالفاء
أ وجوب اقتران الفاء بالخبر
تدخل الفاء على خبر المبتدأ الواقع بعد أما الشرطية وجوبا نحو: (أمّا زيد فقائم)، ولا تحذف إلا لضرورة شعرية كقول الشاعر:
فَأَمَّا القتالُ لا قتالَ لَديكم ولكنّ سَيرا فَي عراضِ الكَواكِبِ (40).
أو تحذف لإضمار القول كقوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} (آل عمران:106). أي: فيقال لهم أكفرتم (41).
ب ـ جواز اقتران الفاء بالخبر وعدمه، والاقتران أكثر
يجوز اقتران الفاء بالخبر:
1 ـ إذا كان المبتدأ اسما موصولا صلته جملة فعلية، زمنها مستقبل تصلح أن تكون جملة للشرط نحو (الذي أتاني فله درهم)
2ـ إذا كان المبتدأ اسما موصولا، صلته جار مع مجروره، متعلقان بفعل مستقبل الزمن نحو: (الذي في الجامعة فرجل).
3ـ إذا كان المبتدأ اسما موصولا صلته ظرف متعلق بفعل مستقبل الزمن نحو (الذي عندك فأديب
4 ـ إذا كان المبتدأ مضافا إلى اسم موصوف بموصول صلته ظرف متعلق بفعل مستقبل الزمن نحو (كاتب الرسالة التي معك فقدير).
ويوجد مواضع غير تلك التي تمّ ذكرها يجوز فيها اقتران الفاء بالخبر وجدت في كتب النحو يطول ذكرها (42)
ج ـ ما يمنع دخول الفاء على الخبر
¥