13).ويرى الزجاج أن الفاء جواب للجزاء في قوله تعالى: {وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} (المائدة:95) أي (ومن عاد مستحلا للصيد بعد أن حرمه الله فينتقم الله منه، وجائز أن يكون: من عاد مستخفا بأمر الله فجزاؤه العذاب كجزاء قاتل النفس (29).
كما يجوز الربط بالفاء إذا كان جواب الشرط مصدرا بهمزة الاستفهام،سواء أكانت الجملة اسمية أم فعلية لم تدخل الفاء،لأن الهمزة من بين جميع ما يغير الكلام،ويجوز دخولها فيقدر تقديم الهمزة على أداة الشرط نحو قولك إن أكرمتك أتكرمني كأنك قلت أئن أكرمتك تكرمني ونحو قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى {13} أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} (العلق:13 ـ 14)
ويجوز حمل (هل) وغيرها من أدوات الاستفهام على الهمزة لأنها أصلها نحو قوله تعالى: {قل أرأيتم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون} (الأنعام:47) وقوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ} (الأنعام:46). ويجوز دخول الفاء فيها؛ لعدم عراقتها في الاستفهام نحو قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ} (هود:63)، ونحو قولك:إن أكرمتك فهل تكرمني؟
حذف فاء الجزاء
تحذف فاء الجزاء للضرورة، نحو قول عبد الرحمن بن حسان بن ثابت:
من يفعل الحسنات الله يشكرها والشر بالشر عند الله مثلان (30)
والأصل (فالله يشكرها)،حذفت الفاء للضرورة وهي صحة الوزن
وقد منع المبرد ذلك حتى في الشعر وزعم أن الرواية (31):
مَن يَفْعَلِ الخيرَ فالرَّحْمَنُ يَشْكُرُهُ والشرُّ بالشرِّ عندَ النَّاسِ مِثْلان
وعن الأخفش أن ذلك واقع في النثر الصحيح (32)،وأن منه قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ} (البقرة:180)، والتقدير: (فالوصية للوالدين). وقال ابن مالك: يجوز في النثر نادرا
ومنه حديث اللقطة (فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها) (33).
وكذلك تربط الفاء شبه الجواب بشبه الشرط وذلك في نحو قولك: (الذي يأتيني فله درهم) وبدخولها فهم ما أراده المتكلم من ترتب لزوم الدرهم على الإتيان ولو لم تدخل احتمل ذلك وغيره.
وهذه الفاء بمنزلة لام التوطئة (34) في نحو قوله تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لَا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ} (الحشر:12) في إيذانها بما أراده المتكلم من معنى القسم وقد قريء بالإثبات والحذف في قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} (الشورى:30)
حذف الشرط
إذا حذف الشرط كانت (الفاء) بمعنى الفصيحة، ومعناها: أن الفاء العاطفة إذا لم يصلح المذكور بعدها لأن يكون معطوفا على ما قبلها، فيستحسن تقدير معطوف آخر بينهما، أو هي التي تدل على محذوف قبلها، فإن كان المحذوف شرطا فالفاء فاء الجواب، وإن كان مفردا فالفاء عاطفة، ويشملها اسم الفاء الفصيحة، وسميت بالفصيحة لأنها أفصحت عن محذوف وهو الشرط، نحو قوله تعالى: {وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا} (البقرة:60).فالفاء في قوله (فانفجرت) هي الفاء الفصيحة (35)،أي: أن
الانفجار مترتب على قوله تعالى: {اضرب بعصاك الحجر}. والتقدير:فإن ضربت فقد انفجرت (36).
وهي عند الزمخشري الفاء الفصيحة،متعلقة بمحذوف، أي: فضرب فانفجرت، فالفاء الفصيحة لا تقع إلا في كلام بليغ. (37)
¥