ـ[الحمادي]ــــــــ[05 - عز وجلec-2006, مساء 01:07]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
فقد وقفتُ على جملةٍ من الأمثلة التي فاتت الإمامَ الحازميَّ في كتابه (الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار) فأحببتُ الإفادةَ بذكرها، مع ذِكْرِ بعض من حكى نَسْخَها، بغضِّ النظر عن رجحان دعوى النسخ.
وقد نصَّ الحافظُ أبو بكر الحازمي -رحمه الله- على أنه سيذكرُ في كتابه كلَّ ما انتهى إلى معرفته من ناسخ الحديث ومنسوخه.
وأنبِّهُ إلى أنَّ الحافظَ الحازميَّ لايسلِّم بنسخ كلِّ حديثٍ يذكره، بل يميلُ أحياناً إلى الجمع وأحياناً إلى الترجيح أو النسخ.
وفي كتابه هذا فوائدُ جليلة.
ـ[الحمادي]ــــــــ[05 - عز وجلec-2006, مساء 01:10]ـ
المثالُ الأول:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الظهرُ يُركَبُ بنفقته إذا كان مرهوناً، ولبنُ الدَّرِّ يُشرَبُ بنفقته إذا كان مرهوناً، وعلى الذي يركبُ ويشربُ النفقةَ".
حكى نسخَه الطحاويُّ والسرخسي وابنُ عبد البر، وعزا ابنُ عبد البر القولَ بنسخه إلى جمهور العلماء.
وذكروا أنَّ الناسخَ له:
حديثُ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "لايحلبنَّ أحدٌ ماشيةَ امرئٍ بغير إذنه، أيحبُّ أحدكم أن تُؤْتى مَشْرَبتُه فتُكسرَ خِزَانتُه فيُنتَقَل طعامُه! فإنما تَخزنُ لهم ضروعُ مواشيهم أطعمتَهم، فلا يحلبنَّ أحدٌ ماشيةَ أحدٍ إلا بإذنه".
وكذا ما وردَ من النهي عن أكلِ مال المسلم من غير طِيب نفسٍ منه، وما جاء من النهي عن الغرر، وعن الربا.
ـ[الحمادي]ــــــــ[05 - عز وجلec-2006, مساء 01:15]ـ
المثال الثاني:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَستلقينَّ أحدُكم، ثم يضع إحدى رجليه على الأخرى".
ومالَ إلى النسخ ابنُ شاهين والطحاويُّ وابنُ عبد البر وابنُ بطَّال، وحكاه غيرُهم -كالخطَّابي والسيوطي- وجهاً مناسباً لدفع الاختلاف عن هذين الحديثين.
وذكروا أنَّ الناسخُ له:
حديثُ عبَّاد بن تميم عن عمِّه رضي الله عنه أنه رأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مُستلقياً في المسجد، واضعاً إحدى رجليه على الأخرى.
ـ[الحمادي]ــــــــ[05 - عز وجلec-2006, مساء 01:19]ـ
المثال الثالث:
حديثُ عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سُئل عن الثمر المعلَّق فقال: "مَنْ أصابَ منه من ذي حاجةٍ غير متَّخذٍ خُبنةً فلا شيءَ عليه، ومن خرجَ بشيءٍ منه فعليه غرامةُ مثلَيه والعقوبة، ومن سرقَ شيئاً منه بعد أن يؤْوِيَه الجرينُ فبلغ ثمنَ المِجَن فعليه القطعُ، ومن سرقَ دونَ ذلك فعليه غرامةُ مثليه والعقوبة".
اختارَ القولَ بالنسخ الإمامُ ابنُ عبدالبر، وحكى الإجماعَ على نَسْخِه ونَسْخِ تضعيف الغرامات المالية،
على أنه -رحمه الله- أشارَ إلى شيءٍ من الخلاف في ذلك.
والقولُ بنسخ تضعيف الغرامات المالية هو قولُ جمهور الفقهاء، كما حكاه ابن قدامة وغيرُه.
وفي بعض صورها خلافٌ في المذاهب الأربعة وغيرها.
وذكرَ ابنُ عبدالبرِّ أنَّ الناسخَ لحديث عمرو بن شُعيبٍ:
عددٌ من النصوص الدالة على المعاقبة بالمثل دون زيادة، منها قوله تعالى: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به).
وحديث: (إناءٌ بإناء وطعامٌ بطعام).
وغيرهما.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[06 - عز وجلec-2006, مساء 07:37]ـ
جزاك الله خيرا
موضوع مهم جدا
ـ[الحمادي]ــــــــ[07 - عز وجلec-2006, مساء 01:49]ـ
جزاك الله خيرا
موضوع مهم جدا
وجزاكم مثله يا أبا مالك
ولديَّ أمثلة كثيرة، سأورد -بمشيئة الله- ما وقفت عليه
وقد يقف المتتبع على أكثر من هذا
خاصة في كتب الحنفية
ـ[الحمادي]ــــــــ[08 - عز وجلec-2006, مساء 02:39]ـ
المثال الرابع:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ معاذَ بنَ جبل رضي الله عنه كان يُصلِّي معَ النبي صلى الله عليه وسلم، ثمَّ يرجع فيؤم قومَه.
قال بنسخ هذا الحديث الطحاوي وابن عبدالبر والأصيلي
وذكر الطحاوي أنَّ الناسخ له:
حديث: "إنما جعل الإمام ليؤتمَّ به ... ".
وذكر ابنُ عبدالبر والأصيلي أنَّ الناسخُ له:
حديثُ سهل بن أبي حَثْمَةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاةَ الخوف، فصفَّ صفاً خلفَه، وصفاً مصافُّو العدوِّ، فصلَّى بهم ركعةً، ثم ذهبَ هؤلاء، وجاءَ أولئك فصلى بهم ركعةً، ثم قاموا فقَضَوا ركعةً ركعةً.
لأنه لو جازت صلاةُ المفترِض خلفَ المتنفِّل لصلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه ركعتين ركعتين لكلِّ طائفة.
ـ[الحمادي]ــــــــ[08 - عز وجلec-2006, مساء 04:18]ـ
المثال الخامس:
الأحاديث الناهية عن الصلاة في مواضع معيَّنة
كحديث: "صَلُّوا في بيوتكم، ولا تجعلوها قبوراً" وحديث: "قاتلَ الله اليهودَ، اتَّخَذُوا قبورَ أنبيائهم مساجدَ" وحديث: "الأرضُ كلُّها مسجدٌ إلا المقبرة والحمام" وحديث: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها" وكذا حديث: "إنَّ هذا وادٍ حضرَنا فيه شيطان" إلى آخره.
فهذه الأحاديث يخالفها جميعاً حديثُ جابر بن عبدالله مرفوعاً: "جُعِلَتْ لي الأرضُ مسجداً وطهوراً ... فأيُّما رجلٍ من أمَّتي أدركته الصلاةُ فليُصَلِّ".
يرى الإمامُ أبو عمر ابن عبدالبر أنَّ الأحاديثَ الناهية عن الصلاة في بعض المواضع منسوخةٌ، والناسخُ لها
حديث جابر بن عبدالله وما في معناه، وذلك أنَّ حديثَ جابرٍ يخبرُ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فضيلة أُعطِيَها؛ وهي جَعْلُ الأرض كلِّها موضعاً للصلاة، وفضائلُه تزداد لا تنقص، فلا يمكنُ نسخُ هذا الحديث أو تخصيصُه، لأنه خبرٌ وليس إنشاءً، والأخبارُ لا تدخلها النسخ، ثمَّ هو خبرٌ عن فضيلة، وفضائلُ نبيِّنا تزدادُ ولا تنقص.
وقد قرَّرَ هذا ابنُ عبدالبر في مواضعَ من كتبه.
¥