ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[27 - عز وجلec-2010, صباحاً 03:54]ـ

جزاكم الله خيراً

ولكن هل لأنهم اشتاقوا الى المشقة وحنوا الى الاحساس بوعثاء السفر وملوا من الراحة والرفاهية، هل يكون ذلك سبباً لعذابهم؟ أليس ذلك ببعيد؟

لا سيما وأنهم يؤمنون بالله ويتضرعون اليه داعين أن يباعد بين أسفارهم، فلو أن جاهلا توجه الى الله عز وجل وسأله شراً هل يكون ذلك سبب عذاب له؟

وفقك الله أخي الفاضل

الجواب: نعم

فهم دعوا الله تعالى أن يباعد بين أسفارهم فاستجاب الله لهم فأرسل عليهم سيل العرم فجعل الديار بلاقع ومزقهم كل ممزق، ولله ساعات عطاء وإجابة لا يوافقها عبد يدعو إلا استجاب له.

وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم بذلك، كما في الحديث الطويل الذي أخرجه مسلم وفيه من رواية جابر أن رجلا لعن بعيرا في غزوة مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من هذا اللاعن بعيره " فقال الرجل: أنا يا رسول الله. فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "انزل عنه فلا تصحبنا بملعون لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم "

فإذا انضاف إلى ما تقدم تركهم شكر ما أنعم الله به عليهم وبطر ما أحسن به إليهم، وهو الأقرب في تفسير قوله جل وعلا: " وظلموا أنفسهم " المعطوفة على قولهم: " باعد بين أسفارنا "، كانوا مستحقين للعذاب، وما كان عذابه إلا أن عجل لهم الإجابة.

ولذلك عقب جل شأنه بقوله: " إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور".

ولا يمنع أن يكون تركهم للشكر داخلا في الأول، وظلمهم لأنفسهم بالمعاصي والذنوب، أو بالشرك والكفر.

كما أن أهل الدنيا غالباً ما يركنوا الى الدعة والنعيم ويكرهوا الجهد والتعب فكيف يطلبونه؟

ولا يقال إن ذلك كقول بني اسرائيل عند طلبهم الثوم والبصل، لأن فعل بني اسرائيل مفهوم وكل النفوس البشرية تشتهي التنوع في الطعام والشراب ولا تستمرئ طعاماً واحدا مهما كان شهياً، أما التعب والمشقة فليست تميل اليها النفس بل كل انسان يسعى للراحة والرفاهية في كل شيء في المسكن والمركب وغيره.

وكذلك النفوس أيها الفاضل تستمرئ بعض التعب، فإن في بعض أنواعه لذة، بل ليست لذة في الدنيا إلا وفيها نوع تعب ومشقة قل أو كثر، ولذلك ترى أن بعض الناس يهوى الصيد والقنص وفيه مشقة، وبعض الناس تهوى تسلق الجبال وفيها مشقة، وحتى الأكل والوطء فيه مشقة، فليست لذة في الدنيا إلا والمشقة من لوازمها، والتي لا كدر فيها في الجنة.

فما المستنكر من أن يكون هؤلاء الذين غضب الله عليهم ملوا الدعة والقرى الظاهرة واشتاقوا لأن يسيروا في المفاوز والمهامه يتريضون بالأسفار؟!

وما زلنا نرى السياح والمغامرين يتركون ديارهم وأرضهم ويسيرون أحيانا على الأقدام يجولون في العالم ويجوبون الأقطار، فهذه كتلك.

عندي قول آخر أرجو أن تراجعوني فيه

إنهم لم يتضرعوا الى الله ولكنهم قالوا ما قالوا على سبيل الاستخفاف، فهم لإلفهم للنعمة ظنوا أنها لن تزول أبداً - ما أظن أن تبيد هذه أبداً - فكأنهم قالوا إن كنت يارب تقدر على أن تزيل هذه النعمة وتباعد بين أسفارنا فافعل وهم بذلك ظلموا أنفسهم فجعلهم الله أحاديث ومزقهم، وذلك كما قال المشركون: فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب اليم.

على أحد القولين في التفسير، عجل الله الإجابة لهؤلاء أيضا فأمطر عليهم حجارة من السماء وأتاهم بالعذاب الأليم - عائذا بالله من ذلك -.

فيكون هؤلاء كأولئك، دعوا على أنفسهم فعذبهم الله تبارك وتعالى.

أما الحمل على الاستخفاف فيحتاج إلى قرينة، وإلا كان مرجوحا لافتقاره لذلك أو تخمينا وتخرصا لا حاجة له.

سددك الله ونفع بك.

ـ[رضا الحملاوي]ــــــــ[27 - عز وجلec-2010, صباحاً 04:13]ـ

فائدة:

ومما يؤسف له أن منا من يشتهي البلاء مكان النعم وهو لا يدري!

فمن النساء من تقول: زوجي طيب زيادة عن اللازم ليتني تزوجت رجلا حازما قويا!!

ومن الرجال من يقول: زوجتي طيبة ومهذبة ودائما تطيع أمري! ليتني تزوجت امرأة لعوب ومشاكسة لكي تكون لحياتي مذاقا مختلفا!!

والأمثلة كثيرة ولكن ضربت أقرب مثالين ولو فتش كل امرئ في دواخله لوجد من هذا العجب العجاب!

نسأل الله السلامة والعافية

اللهم آمين

... نعم موجودة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015