رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَـ?فِرُونَ} [التوبة: 124 - 125] والآيات في ذلك كثيرة. قال قتادة في قوله: {وَنُنَزِّلُ مِنَ ?لْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}: إذا سمعه المؤمن انتفع به وحفظه ووعاه {وَلاَ يَزِيدُ ?لظَّـ?لِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا} أي: لا ينتفع به، ولا يحفظه، ولا يعيه؛ فإن الله جعل هذا القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين.

القرآن لا يزيد الظالمين إلا خسارا

2. وقال تعالى في صفة القرآن: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَ?لَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِى? ءَاذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَـ?ئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت: 44]

وسياق الآية في قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَ?لَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي? آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَـ?ئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} * {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ?لْكِتَابَ فَ?خْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ}

في تفسير ابن كثير: لما ذكر تعالى القرآن وفصاحته وبلاغته، وإحكامه في لفظه ومعناه، ومع هذا لم يؤمن به المشركون، نبه على أن كفرهم به كفر عناد وتعنت؛ كما قال عز وجل: {وَلَوْ نَزَّلْنَـ?هُ عَلَى? بَعْضِ ?لأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 198 - 199] وكذلك لو أنزل القرآن كله بلغة العجم، لقالوا على وجه التعنت والعناد: {لَوْلاَ فُصِّلَتْ ءَايَـ?تُهُ ءَاعْجَمِىٌّ وَعَرَبِىٌّ} أي: لقالوا: هلا أنزل مفصلاً بلغة العرب، ولأنكروا ذلك فقالوا: أعجمي وعربي؟ أي: كيف ينزل كلام أعجمي على مخاطب عربي لا يفهمه؟ هكذا روي هذا المعنى عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والسدي وغيرهم. وقيل: المراد بقولهم: لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي؟ أي: هل أنزل بعضها بالأعجمي وبعضها بالعربي؟ هذا قول الحسن البصري، وكان يقرؤها كذلك بلا استفهام في قوله: أعجمي، وهو رواية عن سعيد بن جبير، وهو في التعنت والعناد أبلغ، ثم قال عز وجل: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ} أي: قل يا محمد: هذا القرآن لمن آمن به هدى لقلبه، وشفاء لما في الصدور من الشكوك والريب، {وَ?لَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِى? ءَاذَانِهِمْ وَقْرٌ} أي: لا يفهمون ما فيه، {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} أي: لا يهتدون إلى ما فيه من البيان؛ كما قال سبحانه وتعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ ?لْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ?لظَّـ?لِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا} [الإسراء: 82] {أُوْلَـ?ئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} قال مجاهد: يعني: بعيد من قلوبهم. قال ابن جرير: معناه: كأن من يخاطبهم يناديهم من مكان بعيد، لا يفهمون ما يقول، وقلت: وهذا كقوله تعالى: {وَمَثَلُ ?لَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ?لَّذِى يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ}

[البقرة: 171] وقال الضحاك: ينادون يوم القيامة بأشنع أسمائهم. وقال السدي: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه جالساً عند رجل من المسلمين يقضي، إذ قال: يا لبيكاه فقال له عمر رضي الله عنه: لم تلبي؟ هل رأيت أحداً، أو دعاك أحد؟ فقال: دعاني داع من وراء البحر، فقال عمر رضي الله عنه: أولئك ينادون من مكان بعيد. رواه ابن أبي حاتم. وقوله تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى? ?لْكِتَـ?بَ فَ?خْتُلِفَ فِيهِ} أي: كذب وأوذي {فَ?صْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ?لْعَزْمِ مِنَ ?لرُّسُلِ} [الأحقاف: 35] {وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى? أَجَلٍ مُّسَمًّى} إلى أجل مسمى بتأخير الحساب إلى يوم المعاد {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} أي: لعجل لهم العذاب، بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلاً، {وَإِنَّهُمْ لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ} أي: وما كان تكذيبهم له عن بصيرة منهم لما قالوا، بل كانوا شاكين فيما قالوه، غير محققين لشيء كانوا فيه، هكذا وجهه ابن جرير، وهو محتمل، والله أعلم.

1. {وَنُنَزِّلُ مِنَ ?لْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ?لظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً} الإسراء/ 82.

تقدم شرح الآية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015