ويأتي المدح باستخدام (ما) بعد (نعم) فيقال (نعم ما أو نعمَّا) كأنها نكرة تامة وهذه الأقوال فيها (4). على سبيل تفسير الضمير في نعم وبئس، ويفسر بالنكرة المحضة، وقد ورد ذلك في القرآن الكريم في موضعين، نحو قوله تعالى: {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (5)

وهذه الآية جاءت على سبيل الاستئناف البياني، وأسلوب المدح فيها جواب للشرط الناشىء عن قوله قبل ذلك {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} (6).

ـــــــــــ

1 ـ ينظر في هذة المسالة الكتاب 1/ 177, المقتضب، 2/ 142، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج، تحقيق د. عبد الجليل عبده شلبي، عالم الكتب, بيروت، لبنان, ط 1، 1988، 1/ 172، والأصول في النحو لابن السراج 1/ 111 - 112، واللامات للزجاجي ,تحقيق مازن المبارك , دار الفكر ,بيروت ط 2 ,1985 ص 43 - 44 ومعاني الحروف للرماني , تحقيق د. عبد الفتاح شلبي , دار النهضة مصر, القاهرة (د – ت)، ص 65 , وروح المعاني للألو سي، ضبط وتصحيح علي عبد الباري عطية، دار الكتاب العلمية، بيروت، لبنان ,ط 1، 1994، 2/ 278 والنحو الوافي، للأستاذ عباس حسن، دار المعارف مصر,1976 ,3/ 374.

2 - ينظر التحرير والتنوير، 4/ 95.

3 - ينظر مغنى اللبيب لابن هشام, تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، دار الشام للتراث، بيروت، لبنان د. ث، 2/ 482 - 485، وهمع الهوامع، السيوطي، 2/ 140.

4 - حول الاختلاف في إعراب (ما)، وينظر: معاني القرآن للفراء 1/ 367، والأصول في النحو1/ 121، والتبيان في إعراب القران، 1/ 91، وشرح المفصل 7/ 134، وشرح الرضي 4/ 249 - 250، وشرح الأشموني، 3/ 80.

5 - سورة البقرة, الآية:271، ونعما أصلها (نعم ما) فركبت (نعم) مع (ما) بعد أن طرحت حركة ميم نعم واد عم الميمان، وكسرت العين لالتقاء الساكنين، ينظر: معاني القرآن وإعرابه 1/ 353 - 354.

6 - سورة البقرة، الآية:270.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ

وذلك لمدح إبداء الصدقات, فلما كان تعميم قوله ((من نفقه)) أشعر بحال الصدقات الخفية، وهنا نتساءل: هل إبداء الصدقات يعد رياء؟

وقد سمع قبل دلك قوله تعالى: ((كالذي ينفق ماله رئاء الناس))، ولأن قوله: ((فإن الله يعلمه))، قد كان قولا فضلا في اعتبار نيات المتصدقين وأحوال ما يظهرونه منها، وما يخفونه من صدفاتهم، وهذا الاستئناف يدفع توهما من شأنه تعطيل الصدقات والنفقات إن يمسك المرء عنها إذا لم يجد بدا من ظهورها، يخشى أن يصيبه الرياء (1).

و (ما) في الآية تامة ليست موصوفة ولا موصولة، بمعنى شيء، فهي نكرة في موضع نصب على التميز، مبينة للضمير المرتفع بنعم الضمير قبل الذكر، و التقدير نعم شيئا، والمخصوص بالمدح محذوف والضمير (هي) ضمير الصدقات المخرجة في الظاهر ومعناها، فنعم إبداؤها، أو نعم شيئا إبداؤها، فالإبداء هو المخصوص بالمدح، بقول أبو علي الفارسي: ((والمعني في قوله: (إن تبدوا الصدقات فنعما هي إن في نعم ضمير الفاعل، و (ما) في موضع نصب وهى تفسير الفاعل المضمر قبل الذكر والتقدير: نعم شيئا إبداؤها فالإبداء هو المخصوص بالمدح، إلا أن المضاف حذف، وأقيم المضاف إلية الذي هو ضمير الصدقات مقامة والمخصوص بالمدح هو الإبداء)) (2).

ويدلك على قوله تعالى: {وان تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} يعنى الإخفاء خير لكم، كما أن ضمير الإخفاء، ليس بالصدقات بمعنى أن يكون ضمير الإبداء مراد، إنما كان الإخفاء لأنه أبعد من أن تشوب الصدقة مراءاة للناس وتصنع لهم، فتخلص لله سبحانه وتعالى (2).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015